-وقال المؤلف هنا: (في غير حق الله تعالى) أي في حقوق الآدمين وأما حق الله تعالى فلا يجب فيه تحمل الشهادة ولا أداؤها، لأن حقوق الله عز وجل مبناها على المسامحة،ولأن المشروع فيها الستر.

فإذا دَعى لتحمل الشهادة في رؤية رجل يشرب الخمر، أو يكون قد رآه يشرب الخمر فَيدعي عند القاضى لأدائها.

أو يدعى للنظر لرجل يزني بامرأة فيتحمل الشهادة أو يَدعى لأدائها عند الحاكم فإن ذلك لا يجب بل هو مباح بل لا يستحب لأن الستر هو المشروع.

قال صاحب الفروع: يتوجه عدم الستر لمن عرف بالشر والفساد " وصوّبه صاحب الإنصاف وهو كما قال.

فإذا كان الرجل معروفاً بالشر والفساد فأمكن أن تتحمل الشهادة أو أن يَؤدى بما يزجره عما هو عليه وبما يزيل عن المسلمين شره وفساده فإنها تتحمل حينئذ للمصلحة العامة،فالستر عليه مصلحة خاصة، ودرء الفساد عن الامة مصلحة عامة، والمصلحه العامة راجحة على المصلحة الخاصة.

فإذا كان ترك الشهادة يترتب عليه ضرر على الآدميين، فالذي يظهر هو وجوب أداء الشهادة وإن كانت في حقوق الله تعالى

فلو شهد ثلاثة على أن فلاناً قد زناً، وهناك رابع قد رأى لكنه لم يشهد بعْدَ عند الحاكم فإذا أتاه هؤلاء الثلاثة وقد قذفوا ذلك الرجل بالزنا وهم يحتاجون إلى شهادة هذا الرجل ليدفعوا عن أنفسهم معرة الفسق وكذلك ليدفعوا عن أنفسهم الجلد، فالذي يتبين أنه يجب أداء الشهادة لما في ذلك من دفع الضرر عن الآدمي.

قال: [وإن لم يوجد إلا من يكفى تعين عليه] .

فإذا لم يوجد إلا اثنان يشهدان على أمر من الأمور فإن الشهادة تتعين عليهما حيث كان الحق لا يحفظ إلا باثنين.

وهكذا سائر فروض الكفاية، فإنها تتعين حيث لم يوجد إلا من يقوم بالحق.

فإذا كان ليس في البلد إلا مجتهد واحد فإنه يتعين عليه القضاء.

كذلك إذا لم يمكن حمل الشهادة إلا من هذين الشخصين فإن الشهادة تتعين عليهما كسائر فروض الكفاية.

مسألة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015