والقول الثاني: أنه يجوز أخذ الأجرة عليها، واختاره شيخ الإسلام وهو مبني على مسألة سابقة في جواز أخذ الأجرة على القرب فاختار شيخ الإسلام هنا وهناك جوازها عند الحاجة.
والأولى في مثل هذه المسائل التى تتعلق بحقوق الناس – الأولى سدّ هذا الباب لما يترتب على أخذ المال من الفساد فقد يشهد بالزور ليأخذ بالمال.
فالصحيح في هذه المسألة أنه لا يجوز أخذ الأجرة لئلا يفتح هذا الباب على الناس فيشهد الرجل بالزور ليأخذ المال.
قال: [وأداؤها فرض عين على من تحمّلها]
لقوله تعالى: ((ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه))
فأداؤها فرض عين على من تحملها.
قال: [متى دَعي إليه وقدر بلا ضرر في بدنه أو عرضه أو ماله أو أهله وكذا في التحمل]
فلا يجب تحمل الشهادة ولا أداؤها إلا أن يقدر على ذلك بلا ضرر لقوله تعالى: ((ولا يضار كاتب ولا شهيد) ولقوله صلىالله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد.
أما إذا كان يترتب على ذلك ضرر في عرضه او ماله آو أهله فلا يجب.
قال: [ولا يحل كتمانها]
لقوله تعالى: (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتهما فإنه آثم قلبه)
مسألة:
هل له أن يؤدي الشهادة قبل أن يسألها؟
الجواب: نعم له ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بخير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها) رواه مسلم.
وذلك لأن المشهود له قد يخفى عليه أن فلاناً شاهد له فحينئذ يبادر بالشهادة حيث يظنّ أن المشهود له يخفى عليه أن هذا شاهد له.
كذلك قد لا يخفى عليه بل يعلم أنه شاهد لكنه – أي المشهود له – يحتاح إلى هذه الشهادة، والشهادة أمانة، فكما أن الأمانة يبادر لها عند الحاجة فكذلك الشهادة.
والطلب الحالي والعرفي كالطلب اللفظي، فهذا المشهود له – وإن لم يأت إلى الشاهد ويسألة أن يشهد له لكن حاله تسأل.