أما إذا كانت له حكومه عند القاضي، فإن القاضي لا يقبل هذه الهدية وإن كان في الاصل يقبل هداياه.
اذن: لا يحل له أن يقبل الهدية إلا أن تكون ممن يهاديه قبل ولايته بشرط ألا تكون له حكومة.
-والذي يظهر: أنه إذا كان لا يهاديه قبل ولايته لكن مثله ممن يهادي، وقد طرأ ذلك فالذي ينبغى القول به قبول الهدية.
فلو أنه اتخذ صديقا وكانت الصداقه طارئة أي بعد ولاية القضاء فلا يتبين أن هناك مانعاً من قبول القاضي لهديته إلا أن تكون له حكومة أو كان له – مثلا – ابن عم وكان قبل ولايته للقضاء صغير السن ثم كبر سنه ثم اهدي اليه هديه فلا ينبغى القول بالمنع حينئذ، لعدم التهمه.
فظاهر قول المؤلف أنه لا يقبل إلا ممن كان يهاديه قبل الولاية.
والذي يظهر: أن من كان مثله فكذلك وإن لم يكن قد اهدي له قبل ذلك لكن طرأ السبب الذي يهدي به كأن تطرأ صداقه أو تطرأ قرابة. كأن يصاهر مثلاً بعد تولية القضاء فيهدي اليه صهره فلا يظهر أنه يمنع من ذلك لأن السبب لم يكن موجوداً قبل ذلك.
وهل للقاضي ان يبيع ويشترى؟
المشهور في المذهب: ان له ذلك لكنه يكره، ألا أن يضع وكيلاً لا يعرف به، أي لا يعرف ان هذا وكيل القاضي.
والصحيح: انه لا باس ببيعه وشرائه ولا دليل على الكراهية لكن ليس له ان يقبل المحاباه بمعنى: اذا بيع له الشىء بأقل من سعره المعتاد او اشترى منه الشىء بأكثر من سعره المعتاد فلا يحل له ان يقبل هذه المحاباه وذلك لانها كالهدية.
إلا إذا كانت – هذه المحاباه – ممن كان يهاديه قبل ولايته القضاء – ولم يكن في ذلك تهمه.
قال:] ويستحب آلا يحكم إلا بحضرة الشهود [
فيستحب الا يحكم القاضي الا بحضرة الشهود أي الشهود الذين ثبت الحكم بشهادتهم.
فإذا شهد اثنان على أن فلاناً قتل فلاناً عمداً فانه لا يقضي بالقتل إلا بحضرة الشهود – استحبابا –
وذلك لأنه قد يفوته بعض الشىء في شهادتهم فينبهه هؤلاء الشهود على ما قد فاته.