بمعني: رجل ليس الماء حاضر عنده فإنه لا يكتفي بمجرد ذلك من غير أن يتطلبه ويبحث عنه، بل يجب عليه أن يتطلبه عن يمينه وشماله وأمامه ووراءه، وإذا كان هناك محلاً خضراً أو ربوة أو مكاناً مرتفعاً يحتمل أن يكون فيه الماء وهو قريب إليه فعليه أن يبحث فيه.

إذن: عليه أن يتطلب الماء في الأماكن القريبة منه وإذا كان هناك أهل خبرة - ممن معه – بمواضع الماء فإنه يسأله، فإن كان قريباً عرفاً فيجب عليه أن يذهب إليه، وإن كان بعيداً فلا يجب عليه ذلك؛ لأنه لا يمكن أن يحكم عليه بأنه غير واجد للماء إلا بفعل ذلك.

كما أنه لا يحكم عليه بأنه غير واجد للرقبة فينتقل إلى صيام شهرين إلا بمثل هذا من التطلب.

فلابد من تطلب الماء والبحث عنه في المواضع القريبة وسؤال أهل الخبرة وسؤال من معه من الرفقة، فإذا لم يجد ماءً فإنه يتيمم ولا شيء عليه في ذلك وهو في حكم غير واجد للماء.

لذا قال: (ويجب طلب الماء) للدليل المتقدم وهو قوله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} ولا يحكم عليه بأنه غير واجد للماء إلا بتطلبه والبحث عنه بحيث لا يلحقه الحرج في ذلك، لذا قلنا إنه إذا كان يعلم أن هناك ماء لكنه بعيد يلحقه الحرج والمشقة في الذهاب إليه فإنه لا يجب عليه أن يتطلبه ويذهب إليه، بخلاف ما إذا كان قريباً فإنه يجب أن يذهب إليه.

قوله: (في رحله) : الرحل هو المنزل.

(وقربه) : أي ما قرب من منزله، والقرب هنا قرب عرفي.

أما إذا كان بعيداً في العرف – وهذا يختلف من زمن إلى زمن باختلاف وسائل النقل – فإنه لا يجب عليه أن يذهب إليه.

قوله: (فإن نسي قدرته عليه وتيمم أعاد)

نسي أنه قادر على وجود الماء ليس الماء بعيداً عنه بل هو قريب إليه وهو يعلم قربه إليه ونسي ذلك فتيمم فإنه يجب عليه أن يعيد – تقدمت هذه المسألة في الدرس السابق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015