أما أن يدخل التيمم أثناء الوضوء فإن إدخال شيء من الطهارة بين أعضاء الوضوء بدعة، وما دام بدعة فإنه لا يكون مشروعاً. ولكن إن فعل ذلك فإنه يجزئ عنه لكونه قد فعل ما وجب عليه، وإنما الابتداع في كونه قد فعله أثناء الوضوء.
فشيخ الإسلام – إذن – يقول: الأصل في الوضوء الوارد عن الشارع أن يتوضأ الوضوء بقدر ما استطاع من غير أن يدخل بينه التيمم.
والعلة الأخرى: أن التيمم طهارة أخرى، والوضوء طهارة، فكل طهارة متباينة عن الطهارة الأخرى، فهذه طهارة بالماء، وهذه طهارة بالتراب، والأصل في مثل ذلك أن يفرق بينهما.
إذن الراجح - هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام من - أنه لا يجب عليه الترتيب بوضع التيمم في موضع العضو الواجب عليه التيمم عنه لوجود جرح أو نحوه. بل له أن يتيمم قبل الوضوء وله أن يتيمم بعده؛ لأن الشارع قد ثبت عنه الوضوء من غير أن يثبت في خلاله التيمم، ولأن التيمم طهارة أخرى.
وقال الحنابلة أيضاً – يجب الموالاة – فعلى ذلك يكون التيمم كأنه غسل للعضو تماماً.
فعلى ذلك إذا قلنا إن التيمم مبيح – كما هو مذهب الحنابلة – فإذا خرج الوقت فإنه يبطل التيمم، فما حكم الغسل؟
بمعنى: رجل غسل بدنه كاملاً أو رجل توضأ وضوءاً تاماً سوى موضع جرح تيمم له فخرج الوقت، فإنه يبطل التيمم ويبطل الغسل أيضاً، فيجب إعادة الغسل لوجوب الموالاة.
وقد تقدم ترجيح: أن التيمم أولاً طهارة منفردة، وتقدم أن الصواب أن التيمم رافع لا مبيح.
فعلى ذلك: الصحيح أنه إذا حدث فيه ذلك وخرج الوقت فإن التيمم يبقى صحيحاً ولا يبطل بخروج الوقت.
ولو قلنا إنه مبيح فإنه لا يجب عليه أن يعيد ما غسله من الأعضاء بل يكفيه التيمم لأن التيمم طهارة منفردة.
إذاً: يجب على من كان في شيء من بدنه جرح أن يغسل بدنه ويتيمم للباقي.
وذهب – من ذهب من أهل القول المخالف في المسألة السابقة – إلى خلاف هذه المسألة فقالوا: يكتفي بالتيمم.