فإذا كان استعمال الماء يزيد مرضه أو يؤخر برؤه فيشرع له التيمم، وكذلك من خاف على نفسه المرض لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} ولحديث: (لا ضرر ولا ضرار) ولأن في ذلك حرجاً وقد قال تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج} (?) وإيجاب شيء يظن ثبوت المرض به ممنوع شرعاً، فلا يوجب الشارع أمراً يثبت به غالباً المرض، فما دام أن هذا الرجل متى توضأ خاف على نفسه فيجوز له التيمم.
ولا شك أن هذا الخوف مع توفر الأسباب، أما إذا كان خوفاً من غير وجود أسبابه فإن هذا الخوف ليس معتبراً.
وإنما كأن يكون في ليلة باردة وخشي المرض أو نحو ذلك من الأسباب.
أما إن تيمم بمجرد توهم فإنه لا يجوز ذلك، وكل الخوف المذكور إنما هنا مع توفر الأسباب التي هي مظنة وقوع الأمر الذي يخاف منه.
قال: (أو هلاك) :
كذلك إذا خشي على نفسه الهلاك باستعمال الماء فكذلك كما تقدم في حديث عمرو بن العاص، كأن يكون ذلك في ليلة شديدة البرد ولا يمكنه أن يسخن الماء أو كان في مكان مكشوف ويخشى أن يصيبه الهواء فيضر بدنه فيلحقه موتاً أو – كما تقدم – مرضاً أو نحو ذلك.
قال: (أو رفيقه) :
خشي العطش على رفقائه.
أو على (حرمته) : أي امرأة أو أخت أو نحو ذلك مما معه فإنه يتيمم.
بمعنى: رجل لا يخشى على نفسه العطش لكنه يخشى على رفيقه والمراد به رفيقه المحترم وهو من له حرمة كالمسلم والذمي.
وأما الحربي فليس له ذلك؛ لأنه حربي دمه هدر ومثل ذلك الزاني المحصن أو نحو ذلك فإن هؤلاء لا حرمة لهم.
(أو ماله)
بأن يكون معه دواب ونحو ذلك من ماشية ونحوها فخشي عليها العطش فكذلك يجوز له التيمم مع وجود الماء.
إذن: متى خاف باستعمال الماء أو طلبه ضرر بدنه أو رفيقه أو حرمته أو ماله بعطش أو مرض أو هلاك ونحوه من الضرر فإنه يشرع له التيمم.