فإذا حدَّدنا الدية في هذا الزمن مثلا مئة وخمسون ألف درهم، فإذا أتى بمئة من الإبل، قيمتها لا تساوي إلا مئة ألف من الدراهم، لكنها سليمة، فهل يجزئه ذلك؟

يجزئه ذلك. إذاً لا نعتبر القيمة، وإنما نعتبر السلامة، ولذا قال " ولا تعتبر القيمة في ذلك " وإنما تعتبر السلامة.

قوله: [ودية الكتابي نصف دية المسلم]

لما ثبت في داود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (عَقْلُ أهل الكتاب على نصف عقل المسلمين) والعقل يعني الدية. هذا هو مذهب جمهور العلماء خلافا للأحناف.

وأما الأحناف فذهبوا إلى أن الواجب دية المسلم، واستدلوا بقوله تعالى: {فدية مسلمة إلى أهله} .

لكن الحديث حجة عليهم، وأما الدية في الآية فهي مطلقة، فتختلف باختلاف الدين. وأما ما رواه عبد الرزاق في مصنفه بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قضى على مسلم قتل يهوديا من أهل الشام – وهو ذمي -، بمئة من الإبل " فإن هذا حيث كان القتل عمدا، فتغلّظ الدية، ويدل عليه ما رواه البيهقي والدارقطني بإسناد صحيح أن عثمان رضي الله عنه قضى على مسلم قتل ذميا عمدا، بمثل دية المسلم "؛ لأنه لما يكن هناك قود بذلك، فإن الدية تُغلّظ، وأما إذا كان قتل خطأ، فإن الواجب نصف الدية. هذا هو الصواب.

قوله: [ودية المجوسي والوثني ثمانمئة درهم]

المجوسي الذي لا كتاب له، وهو من عبدة النار، والوثني، ديتهما ثمانمئة درهم.

كم تساوي ثمانمئة درهم الآن؟

إذا كان في كل مئة درهم فيها سبعون مثقالا من الفضة، فعلى ذلك في ثمانمئة درهم خمسمئة وستون , والمثقال أربع جرام وربع، والجرام من الفضة يساوي في البيع تقريبا درهما، فيكون قريبا من ألفي درهم. وقد قضى بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما في سنن الدارقطني، وهو أثر صحيح، ولا يُعلم له مخالف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015