وأما المذهب فإن في ذلك الضمان، فيضمن السلطان في المسألة الأولى، ويضمن المستعدي في المسألة الثانية؛ قالوا: لأنهما متسببان.
والراجح الأول، وهو قول في المذهب خلافا للمشهور في المذهب، وهو الذي اختاره المؤلف هنا، وهو مذهب الشافعية، واختاره أيضا الشيخ عبد الرحمن بن سعدي؛ وذلك للقاعدة المتقدمة أن ما ترتب على المأذون فليس بمضمون. لكن على ذلك لو كان هناك تعد من السلطان أو المستعدي، فإن في ذلك الضمان، فلو أن السلطان أرسل إليها قبل أن يتحرى ويتثبت، فأسقطت، فهنا يضمن السلطان , وكذلك المستعدي إذا أرسل إليها ظلما، فماتت فزعا، فإنه يضمن؛ وذلك لأن ذلك غير مأذون فيه، فطلبها من غير تحر أو ظلما هذا غير مأذون فيه.
قوله: [ومن أمر شخصا مكلفا أن ينزل بئرا أو يصعد شجرة، فهلك به - أي بهذا بالصعود أو النزول - لم يضمنه]
لأنه لم يكرهه، لكن لو أكرهه، فقد تقدم الكلام عليه في المسألة السابقة.
قوله: [ولو أن الآمر سلطان]
لأنه لم يكرهه، لكن لو عُلم من السلطان الظلم، وأنه لو لم يطعه لقتله أو نحو ذلك، فإن هذا يكون له حكم الإكراه.
قوله: [وكما لو استأجره سلطانٌ أو غيره]
فلو استأجر عاملا ليحفر له بئرا أو ينزل إلى البئر ليصلحها أو يصعد إلى الشجرة ليجني ثمرها، فسقط فمات، فإنه لا ضمان؛ لأنه لم يحصل منه تعد، ولأنه لم يكرهه، فهو مجرد مستأجر وقد فعل هذا الأمر باختياره.
وقيّده بأن يكون " مكلفا "؛ لأنه لو لم يكن مكلفا، فأمره بذلك فتلف، فإن عليه الضمان؛ وذلك لأنه لا يؤذن له بمثل ذلك، فلا يؤذن له أن يأمر من ليس بمكلف بمثل ذلك، فيكون فيه تعد حيث لم يكن مكلفا.
باب مقادير ديات النفس
قوله: [دية الحر المسلم مئة بعير، وألف مثقال ذهبا – ألف دينار – أو اثنا عشر ألف درهم فضة أو مئتا بقرة أو ألفا شاة]