فإذا كان الجاني كافراً فإنها تجب عليه نفسه، إن لم تكن له عاقلة في المشهور من المذهب وهو ظاهر على القول الذي تقدم ترجيحه ولا تجب في بيت المال لأن بيت المال لا يعقل عن الكفار فهو بيت مختص بالمسلمين.
والعاقلة يوجبها الحاكم ولا يشق على العصبة، فينظر إلى ما يستطيعون فيوجبها على العصبة من غير أن يشق عليهم، لأنها إنما وجبت على جهة المواساة فلم يناسب أن يجحف.
والمشهور في المذهب: أنها تجب على الأقرب فالأقرب، فإذا كان له اخوة وأعمام، فإنا نوجب الدية على أخوته ونقسمها على ثلاث سنين كما تقدم، على حسب ما يناسبهم بحيث لا نشق عليهم، ولا نوجبها على عمومته.
??قالوا: قياساً على الإرث وولاية النكاح.
وقال الأحناف: بل تجب على جميع العصبة الأقارب والأباعد ولو أمكن أن يتحملها أقاربه.
قالوا: لظاهر الحديث فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -?أوجبها على عصبة القاتل فظاهر هذا أنها تجب على جميعهم.
وهذا هو القول الراجح لظاهر الحديث.
وأما الجواب عما ذكره الحنابلة، فإننا نقول ثمت فارق بين أولياء النكاح والإرث وبين العاقلة.
والفرق أن العاقلة من المناسب أن يتحمل ذلك الجميع لأن في ذلك مصلحة لأن في ذلك تخفيفاً.
وأما ولاية النكاح فإنه لا يناسب فيها أن يكون العصبة كلهم أولياء لأن في ذلك ضرراً في المرأة.
وفي الإرث كذلك: لأن حينئذ يكون النفع من المال قليلاً فإذا أكثرنا الورثة كان النفع قليلاً حتى أنه لا يكاد يستفيد منه الورثة.
قال: [ولا تحمل العاقلة عمداً محضاً] .
????إذا قتل عمداً، أو قطع طرفاً عمداً، أو جرح عمداً، فلا تجب على العاقلة من ذلك شيء.
يدل على هذا ما روى البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: (لا تحمل العاقلة عمداً ولا صلحاً ولا اعترافاً?ولا ما جنى المملوك) .
وقوله: "ولا ما جنى المملوك" أي ما جني على المملوك كما فسره الأصمعي وابن أبي ليلى وأبو عبيد ولم أر مخالفاً لهذا التفسير.