فإذا ثبت هذا في شبه العمد فأولى من ذلك أن يثبت في الخطأ وهذا بإجماع العلماء كما حكى ذلك ابن المنذر.
وقد قال المؤلف قبل ذلك في جناية العمد: [حالةً] ففي جناية العمد تجب الدية في مال الجاني حالة غير مؤجلة، فليس للقاضي أن يؤجلها، وذلك لأن هذا هو الأصل في المتلفات، وإن ضمانها يجب حالاً، ولا دليل يدل على جواز تأجيله.
وأما دية جناية شبه العمد والخطأ، فإنها تؤجل على ثلاث سنين، وقد استدل أهل العلم على هذا بأثرين، الأثر الأول: عن عمر والأثر الثاني عن علي رضي الله عنهما، رواهما البيهقي في سننه.
قالوا: ولا يعلم لهما مخالف.
وهذا لو صح الأثران، لكن الأثرين في إسنادهما ضعف فحديث عمر إسناده ضعيف، وحديث على إسناده منقطع.
لكن الاختلاف بين أهل العلم، ذلك فقد اتفق العلماء على التأجيل في جناية شبه العمد والخطأ، والنظر يدل على ذلك، وذلك لأن دية شبه العمد ودية الخطأ مخففة لكونها تجب على العاقلة ولا يجب على الجاني فناسب التخفيف.
وهذا التأجيل حيث لم ير الإمام أو القاضي المصلحة في الحلول، أما لو رأى الإمام أن المصلحة في كونها حالةً فله ذلك كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، كأن يكون المجني عليه أو أولياؤه فقراء وأولياء الجاني أغنياء يحتاجون إلى التأجيل، فإنه يجعلها حالةً بناءً على الأصل.
وهذا الحكم ثابت في دية الكتابي كما هو ثابت في دية المسلم لأن دية الكتابي تجب في قتل النفس فاشبهت دية المسلم التي تجب في قتل النفس فهما نظيران، وهذا أصح الوجهين في مذهب الإمام أحمد "أي ثبوت ذلك في دية الكتابي".
إذن: دية الخطأ وشبه العمد تجب مؤجلة على ثلاث سنين ويكون ذلك في آخر الحول.