فمن لم يُقد بأحد في النفس فإنه لا يقاد به في الطرف والجراح فالمسلم لا يقاد بالكافر، والحر على مذهب الجمهور لا يقاد بالعبد فكذلك إذا قطع المسلم يد كافر فإنه لا تقطع يده، وكذلك إذا جرح مسلم كافراً فإنه لا قود.
قال: [ولا يجب إلا بما يوجب القود في النفس] .
فلا يجب إلا بما يوجب القود في النفس وهو العمد فلو قطع يد إنسان خطأً أو جرحه خطأً فلا قود.
إذن مسائل الجراح ومسائل الأطراف مبنية على مسائل النفس.
قال تعالى: ((وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص)) .
قال: [وهو نوعان] .
أحدهما في الطرف، والثاني: في الجراح.
قال: [أحدهما: في الطرف فتؤخذ العين والأنف والأذن والسن والجفن] .
الجَفن: هو غطاء العين الأعلى أو الأسفل.
قال: [والشفة واليد والرجل والإصبع والكف والمرفق والذكر والخصية والإلية والشغر كل واحدٍ من ذلك بمثله] .
فاليد باليد، والعين بالعين، والأنف بالأنف وهكذا.
قال: [وللقصاص في الطرف شروط، الأول: الأمن من الحيف بأن يكون القطع من مفصل أو له حد ينتهي إليه كما رن الأنف وهو مالان منه] .
هذا هو الشرط الأول: وهو الأمن من الحيف وذلك بأن يكون القطع من مفصل كأن يقطع يده من الرسغ ورجله من الكعب أو الركبة.
فإنه يثبت به القود وذلك لأمن من الحيف ومثل ذلك: إذا كان له حد ينتهي إليه، كما رن الأنف فإن له حداً ينتهي إليه وهو القصبة.
أما مثلاً: الجائفة وهو الجرح يكون في البطن ونحوه فلا حد ينتهي إليه فلا قود فيه.
فإذا كان القطع ليس من مفصل كأن يقطع يد إنسان من منتصف الذراع أو منتصف الساق، فظاهر كلام المؤلف ألا قود مطلقاً وهو مذهب الجمهور وذلك لأن القطع ليس من مفصل.
القول الثاني في المسألة: وهو قول في مذهب الإمام أحمد ثبوت القصاص من المفصل الذي دونه.
فإذا قطع من منتصف الذراع فله أن يقتص من مفصل الكف.