وثبت عند الخمسة إلا الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما أتى بشيء من القصاص إلا أمر فيه بالعفو) والحديث اسناده صحيح من حديث أنس بن مالك.
قال: [فإن اختار القود أو عفا عن الدية فقط فله أخذها] .
إذا اختار الولي القصاص فله أخذ الدية، فمثلاً قال أنا أختار القصاص ثم قال: أريد أن أتنازل عن القصاص إلى الدية، فله ذلك- وهذا ظاهر.
وكذلك إذا عفا عن الدية فقط، فقال: عفوت عن الدية فقط، فلفظه هذا ليس فيه أنه قد عفا عن القصاص وحينئذ إذا رضي بالدية وقد عفا عنها فله أخذها.
وذلك لأنه انتقال من الأعلى إلى الأدنى وهو الانتقال من القصاص إلى الدية.
قال: [والصلح على أكثر منها] .
فإذا كانت الدية مثلاً مائة ألف فقال الولي: أنا لا أقبل إلا مائتي ألف أو ثلاثمائة ألف أو مليون وإلا فإني أختار القصاص فرضي بذلك القاتل، فللولي ذلك، وذلك لأن الحق لا يعدوهما، فإذا تراضيا على شيء من ذلك كان لهما.
قال: [وإن اختارها أو عفا مطلقاً أو هلك الجاني فليس له غيرها] .
إذا اختار الدية فليس له بعد ذلك أن يقتصّ وذلك لأنه اختار الدية.
وكذلك إذا عفا مطلقاً فقال: (عفوت) ، وإذا أطلق العفو فإنه ينصرف إلى المطلوب الأعظم، وهو العفو عن القصاص لأنه هو المطلوب الأعظم.
كذلك إذا هلك الجاني قبل أن يقتص فيه فليس للولي إلا الدية، لأن القود لا يمكن استيفاؤه وقد هلك الجاني فحينئذ ليس له إلا الدية فلا ينتقل هذا إلى أخ وابن أو غيره فإنه لا تزر وازرة وزر أخرى بل يقال هلك الجاني فإن الدية تنتقل في تركته.
فإن لم يكن له تركة فلا شيء للولي كسائر الديون التي يفوت محلها فإنها تفوت بفوات محلها.
قال: [وإذا قطع إصبعاً عمداً فعفا عنها ثم سرت إلى الكف أو النفس وكان العفو على غير شيء فهدر، وإن كان العفو على مالٍ فله تمام الدية] .