فهذه الآية نزلت كما قال غير واحد من السلف، في طائفة من الناس قالوا ويقتل الحر من غيرنا بالعبد منا، ويُقتل الذكر من غيرنا بالأنثى منا، قالوا ذلك من باب الكبرُ لقوتهم عدداً وعدة، فأنزل الله قوله: ((الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى)) ، وقد أجمع أهل العلم على أن الذكر يقتل بالأنثى في النسائي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يُقتل الذكر بالأنثى) .
وأما ما رواه أحمد من أن السنة ألا يقتل الحر بالعبد فالحديث إسناده ضعيف جداً فيه جابر الجُعفي وهو ضعيف الحديث.
ومما يدل على ما ذهب إليه الأحناف وهو القول الراجح: ما روى أحمد والترمذي وابن ماجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه) .
وبهذا الحديث قال داود الظاهري، فإنه قال ويقتل السيد بعبده خلافاً للأحناف فإنهم يقولون يقتل الحر بالعبد لكن لا يقولون أن السيد يقتل بعبده.
ولذا قال المؤلف هنا "والرق" فالمالك لا يُقتل بمملوكه.
فإذا قتل المكاتب رقيقه فإنه لا يقتل به مع أن المكاتب عبد لكن لا يقتل بعبده لأنه مالك له.
والصحيح ما ذهب إليه داود في هذه المسألة وأن السيد يقتل بمملوكه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من قتل عبده قتلناه ومن جدعه جدعناه) والحديث من حديث الحسن البصري عن سمرة والصواب أن الحسن ليس بمدلس، وأن سماعه من سمرة ثابت كما وضح ذلك غير واحدٍ من الحفاظ كعلي بن المديني، والحديث حسنه الترمذي وهو كما قال "تراجع".
قال: [وعكسه يقتل] .
وهذا ظاهر، فالكافر يقتل بالمسلم، فإذا قتل الذمي مسلماً فإنه يُقتل وهذا بالاتفاق.
والعبد يُقتل بالحر وهذا بالاتفاق، ولذلك العبد يقتل بسيده وهذا باتفاق أهل العلم.
قال: [ويقتل الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر] .
اتفاقاً، لقوله تعالى: ((وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس)) .