وعليه: فإن هذا الحكم حيث كان للإمام حق في القتل، فالإمام ليس له حق أن يقتل من زنا وهو محصن حتى تثبت البينة ذلك، وليس للإمام حق أن يقتل من ترك الصلاة، حتى تثبت بالبينة فكذلك هذا القاتل إذا قتل بعد ثبوت البينة لكنها لم تثبت بعدُ عند القاضي فإنه لا يقتل به ولا دية في ذلك لأن له حقاً، لكن ذلك اعتداء على الإمام في حقه وافتيات عليه فللإمام أن يعزر في ذلك.
قال: [الثاني التكليف] .
هذا هو الشرط الثاني: التكليف أي أن يكون القاتل بالغاً عاقلاً.
قال: [فلا قصاص على صغير] .
لأنه غير بالغ.
قال: [ولا مجنونُ] .
ولا معتوه لأنهما غير عاقلين، وذلك لأنه لا قصد لهما أو قصدهما ليس بقصد صحيح معتبر ولذا تقدم أن عمد الصبي والمجنون خطأً باتفاق العلماء.
وعليه فإذا قتل الصبي أو المجنون فأنه لا يقتل بذلك لكن الدية تكون على عاقلته.
قال: [الثالث: المكافأة بأن يساويه في الدين والحرية والرق] .
هذا هو الشرط الثالث وهو المكافأة.
قال: [فلا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد] .
فلا يقتل المسلم بالكافر ولو كان الكافر ذمياً ذا ذمة أو معاهداً ذا عهد أو مستأمناً ذا أمن.
وذلك لما ثبت في البخاري مرفوعاً في صحيفة علي رضي الله عنه "لا يقتل مسلم بكافر".
وذهب الأحناف: إلى أن المسلم يقتل بالذمي، واستدلوا: بما روى الدارقطني أن النبي- صلى الله عليه وسلم -: (أقاد مسلم بذمي أو قال: أنا أحق من وفّى بذمته) .
لكن الحديث مرسل ضعيف.
وعليه فالراجح ما ذهب إليه الجمهور من أن المسلم لا يقتل بالكافر.
وقال شيخ الإسلام بذلك لكنه قال: إلا أن يقتله غيلة أي خديعة، بأن يكون القتل على سبيل الخديعة وهو مذهب مالك.
فقد ذهب مالك إلى أن قتل الغيلة فيه القصاص مطلقاً فلا خيار للولي بين الدية والقصاص، كما أنه لا فرق بين مسلم وذمي في ذلك وهذا هو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم.