وأصح هذه الأقوال القول الأول وهو مذهب أهل الظاهر ودليله ما تقدم في قصة عقبة بن الحارث وهي ثابتة في البخاري، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (كيف وقد زعمت أنها أرضعتكما) .
قال الشعبي: " كان القضاة أي من السلف يفرقون بين الرجل والمرأة بشهادة المرأة الواحدة في الرضاع" ا. هـ.
فهو مذهب جمهور السلف.
والحاجة داعية لذلك فإن الرضاع الغالب فيه ألا تشهد فيه إلا المرأة الواحدة أو المرأتان.
قال: [ومن حرمت عليه ابنتها فأرضعت طفلة حرمتها عليه وفسخت نكاحها منه إن كانت زوجته] .
انظر شرح هذه العبارة في آخر هذا الدرس.
قال: [وكل امرأة أفسدت نكاح نفسها برضاع قبل الدخول لا مهر لها] .
هذه المسألة في إفساد المرأة نكاح نفسها، وهذه المسألة وإن كانت نادرة لكن وقوعها ممكن.
وصورة هذه المسألة: أن يكون للرجل امرأتان، امرأة كبرى وامرأة صغرى، والمرأة الصغرى لا تزال في الحولين فترضع زوجته الكبرى زوجته الصغرى، فحينئذ تكون الصغرى ابنةً له من الرضاع، والكبرى تكون أم زوجته من الرضاع فتحرم عليه المرآتان جميعاً، "تراجع لأن الأولى عقد بها".
وأما الثانية فلأنها أم زوجته من الرضاع، فهذا على قول الجمهور.
فإذا أفسدت المرأة نكاح نفسها وكان ذلك قبل الدخول فلا مهر لها وذلك لأن الفرقة قد أتت من جهتها.
قال: [وكذا إن كانت طفلة فدبت فرضعت من نائمة] .
كذلك إن كانت له زوجة وهي طفلة فدبت هذه الطفلة فرضعت من نائمة كأمه أو أخته فإنها تحرم عليه لأنها تكون أخته أو ابنة أخته من الرضاع، فتحرم عليه.
فهذه لا مهر لها لأن الفرقة من قبلها.
قال: [وبعد الدخول مهرها بحاله] .
أما إذا كان هذا الإفساد بعد الدخول فإن المهر لها بحاله وذلك لأن المهر يستقر بالدخول.
إذن: إذا أفسدت نكاحها بنفسها وكان ذلك قبل الدخول فلا مهر لها، وأما بعد الدخول فلها المهر هذا هو مذهب الجمهور أهل العلم.