وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على ثبوت الرضاع.
قال تعالى: ((وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة)) وقال - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة) متفق عليه.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وقد أجمع أهل العلم على ثبوت الرضاع في الجملة.
قال: [يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب] .
لما تقدم من حديث ابن عباس وحديث عائشة وما تقدم من الكتاب والإجماع.
قال: [والمحرم خمس رضعات] .
فالمحرم خمس رضعاتٍ في المشهور في مذهب أحمد ومذهب الشافعي.
ودليل ذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة قالت: " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن فيما يتلى من القرآن".
أي أن بعض الناس لم يطلّع على النسخ فبقي يتلو هذه الآيات ولا يعلم أنها منسوخة.
وعليه فالآية الناسخة والمنسوخة كلاهما، يتفقان في النسخ اللفظي، والآية الثانية التي فيها التحريم بخمس رضعات لم ينسخ حكمها وأما الآية الأولى التي فيها أن التحريم بعشر رضعات فقد نسخ لفظها وحكمها.
وذهب المالكية والأحناف إلى أن مجرد الرضاع يحرم، فلو امتص شيئاً قليلاً من اللبن فإن الرضاع يثبت من غير أن ينظر إلى عدد واستدلوا: بالإطلاق في قوله تعالى: ((وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم)) فالآية مطلقة فبمجرد الرضاع يثبت الحكم.
واستدلوا: بحديث عقبة بن الحارث وأنه تزوج أم يحي بنت إهاب، فأتته امرأة فقالت: إني أرضعت عقبة والتي تزوج، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كيف وقد قيل) ففارقها عقبة فنكحت رجلاً غيره) رواه البخاري.
فقد أثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحكم بمجرد ثبوت الرضاع وأجاب أهل القول الأول عن هذه الأدلة: بأنها مطلقة وأن السنة قد قيدتها وبينت أن الرضاع المحرم هو خمس رضعات.