وفصل شيخ الإسلام تفصيلاً حسناً في هذه المسألة فقال: إن كان تعليقاً فلا يقع، وإن كان تحقيقاً أو تأكيداً فإنه يقع، فإذا قال ذلك تعليقاً أي علقه على مشيئة الله المستقبلة فلا تطلق عليه لأن الله لا يشاؤه في الواقع وقوعاً حتى يتكلم به هذا المكلف، فلا يقال إن الله شاء الطلاق لفلانة من فلان إلا أن يكون قد وقع وحدث، وعليه فإذا قال لها "أنت طالق إن شاء الله " فلا تطلق حتى يقول لها بعد ذلك: " أنت طالق "، وأما إن كان تحقيقاً أو تأكيداً بمعنى قال: " إن شاء الله" يحقق قوله أي قد وقع قوله وشاءه الله عز وجل فهذا هو التحقيق، أو تأكيداً كأن يقول: " إن شاء الله " مؤكداً للطلاق مثبتاً له وهذا تفصيل جيد في المسألة.
أما لو قال: " أنت طالق إلاّ أن يشاء الله " فإنها تطلق وذلك لأن قوله: " أنت طالق إن شاء الله " جملة فيها إثبات الطلاق ووقوعه، وفيها تعليق رفعه على مشيئة الله فقوله: " إلا أن يشاء الله " تعليق لرفع الطلاق على مشيئة الله ومشيئة الله ليست بمعلومة.
قوله: [وإن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله طلقت إن دخلت]
إذا قال لها: " إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله " فإنها تطلق بذلك، وهذا تفريعٌ عن المسألة السابقة، ما لم ينو الاستثناء للفعل وهو دخولها فإنها لا تطلق وذلك لأنها إن دخلت فيعلم أن الله عز وجل قد شاءه ويكون هذا التعليق كالتعليق على اليمين، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (من حلف على يمين فقال إن شاء الله لم يحنث) رواه الترمذي والنسائي وغيرهما وهو حديث صحيح، فإذن إن قال لها: " إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله " إن كانت المشيئة للفعل المحلوف عليه فلا تطلق إن دخلت، لأن دخولها بمشيئة الله المعلق عليها، وكل يمين علقت بمشيئة فلا حنث فيها للحديث المتقدم بخلاف ما إذا كان التعليق للطلاق.
قوله: [وأنت طالق لرضا زيدٍ أو لمشيئته طلقت في الحال]