والقول الثاني في المسألة وهو احتمالٌ للموفق ابن قدامة، وقال صاحب الإنصاف في هذا القول " وهو قوي جداً " وهو كما قال، هذا القول مبني على أنه يريد بذلك وقتاً آخر وعليه فلا يحنث إلا أن يبدأها بالكلام في وقت آخر لأن هذا هو مراده، فالرجل إذا قال لامرأته " إن بدأتك بالكلام فأنت طالق " فإنه لا يريد ما يقع من الكلام في المجلس الذي وقع فيه الحلف بل يريد وقتاً آخر، وعليه فإذا بدأها في وقت آخر بالكلام فإن الطلاق يقع، ولا عبرة بإجابتها إياه في المجلس الذي وقع فيه الحلف لأن الحالف بمثل هذا إنما يريد وقتاً آخر، هذا هو الجاري في العرف وهذا هو الغالب في إرادة المتكلمين.
فصل
قوله: [إذا قال: إن خرجت بغير إذني أو إلا بإذني أو حتى آذن لك، أو إن خرجت إلى غير الحمام بغير أذني فأنت طالق]
هنا قد علق الطلاق بالخروج من البيت بلا إذن، فالوصف الذي علق عليه الطلاق هو الخروج بلا إذن إلا ما استثنى، كأن يقول لها " إن خرجت من الدار إلا لأهلك فأنت طالق.
قوله: [فخرجت مرة بإذنه ثم خرجت بغير إذنه]
أي قالت له مرة " استأذنك بالخروج إلى السوق مثلاً " فقال لها " قد أذنت لك" فخرجت إلى السوق ثم خرجت بغير إذنه خروجاً آخر فإن الطلاق يقع لوجود الصفة.
قوله: [أو أذن لها ولم تعلم]
أي أخبر أباها أو أمها أو أحد أبنائها أنه أذن لها لكن هذا الإذن لم ينقل إليها فخرجت عاصيةً له فإن الطلاق يقع وذلك لوجود الصفة وهي الخروج بلا إذن، والأذن إنما يكون إذناً حيث أعلم به المأذون له فلا إذن إلا بإعلام، فالإذن في اللغة هو الإعلام ومنه سمي الأذن إذناً لما فيه من الإعلام، والوجه الثاني في المذهب لا تطلق والأول هو الراجح.
قوله: [أو خرجت تريد الحمام وغيره]
فإذا قال لها " إن خرجت بلا إذن فأنت طالق إلا إلى أهلك "، فخرجت إلى أهلها وإلى غيرهم، فإنها تطلق وذلك لوجود الصفة.
قوله: [وعدلت منه إلى غيره]