والقول الثاني وهو رواية عن الإمام أحمد وهو مذهب الشافعية أن الطلاق يقع كما تلفظ به ولا عبرة بنيته، وهذا هو القول الراجح، وذلك لأن الحكم إنما يعتبر بالظاهر، والظاهر من لفظه أن نساءه كلهن طوالق، فيحكم عليه بما اقتضاه ظاهر لفظه، وأما نيته فهي بينه وبين ربه، فإن لم يكن هناك ترافع أمام القاضي فإنه إن علم من نفسه الصدق فإنه يبقي امرأته وأما إن علم من نفسه الكذب فإنها لا تحل له إن كان الطلاق بائناً وإلا فإنه يحسبها طلقة، وأما في الطلقات فلا لا ديناً ولا حكماً، فلا يدين بذلك ولا يحكم به؛ أي بالاستثناء، فإذا قال رجل لامرأته: " أنت طالق ثلاثاً " ونوى في قلبه إلا واحدة فلا يعتبر بهذا الاستثناء المنوي غير المتلفظ به في الحكم وذلك للتعليل المتقدم في المسألة السابقة، وكذلك لا يدين بنيته فلا يقال: " إن كنت صادقاً فيما نويته فهي امرأتك " لا يقال ذلك، وذلك لأن العدد نص فيما يتناوله؛ أي ليس هناك احتمال، فإن قال: " أنت طالق ثلاثاً " فليس هناك أي احتمال أخر ممكن بخلاف ما إذا قال " نسائي طوالق " فإنه يحتمل أن يريد البعض فالنية إنما تصرف اللفظ المحتمل إلى أحد محتملاته وأما ما لا يحتمله اللفظ فلا، وإلا لجاز العمل بالنية المجردة في النكاح والطلاق ونحو ذلك، وهذه المسألة متفرعة على قول جمهور أهل العلم من إيقاع طلاق الثلاث ثلاثاً وإلا فالراجح أن طلاق الثلاث واحدة، ومثل ذلك إذا قال: " نسائي الأربع طوالق " أو قال: " ثلاثتكن طوالق " ونوى إلا واحدة فلا عبرة بنيته لأن قوله: " نسائي الأربع " وقوله: " ثلاثتكن " هذا عدد والعدد نص فيما يتناوله وعليه فالنية لا تصرفه كما تقدم تقريره.
قوله: [وإذا قال: أربعكن إلا فلانة طوالقٌ صح الاستثناء]
وذلك لأن هذه المرأة قد خرجت باستثناء صحيح.
قوله: [ولا يصح استثناء لم يتصل عادة]