إذن: مذهب المالكية والأحناف في تفسير هذه الآية أصح.

لكن ما ذهبوا إليه من تحريم اللبث والمكث في المسجد قد خالفهم فيه بعض العلماء فقالوا: يجوز المكث للجنب في المسجد. وهو مذهب ابن المنذر والمزني، وهو رواية عن الإمام أحمد وهو مذهب الظاهرية. قالوا: يجوز للجنب أن يمكث في المسجد.

قالوا: والحديث ضعيف، وقد ضعفه البيهقي وعبد الحق الأشبيلي وابن حزم. وفيه جَسْرة وقد ذكر البخاري أن في أحاديثها مناكير، فإذا ثبت ذلك فإنه يجب التوقف في حديثها، فإن في بعض أحاديثها مناكير فوجب أن يتوقف في حديثها، ولم يوثقها إمام معتبر بل وثقها ابن حبان والعجلي فلم يكن من الحق اعتماد حديثها في مسألة من المسائل الشرعية والأمر كذلك.

فإذن: الحديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم للتوقف في حال جسرة، فإن ثبت التوقف كان العمل كذلك، والحديث المتوقف فيه – كما ذكر ابن حجر في النزهة – كالحديث المردود تماماً.

إذن: الحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ذلك فيجوز مطلقاً كما هو رواية عن الإمام أحمد وهو مذهب المزني من كبار أئمة الشافعية، وهو مذهب ابن المنذر وهو إمام مجتهد مشهور، فهذا هو مذهبهم؛ لضعف الحديث، ولأن الآية الكريمة الصحيح في تفسيرها ما ذهب إليه المالكية والأحناف، وأن المراد بقوله: {لا تقربوا الصلاة} أي لا تصلوا، فعلى ذلك لا تصلوا وأنتم جنب، إلا إذا كنتم مسافرين فلم تجدوا ماءً فتيمموا وصلوا – وإنما استثنى في الجنب المسافر؛ لأن الغالب فيمن يفقد الماء إنما هو المسافر. بخلاف الحاضر فإنه يقل فقده للماء فلم يحتج إلى التنبيه عليه.

إذن: الراجح مذهب بعض العلماء وهو مذهب الظاهرية وأن المكث في المسجد – للجنب – جائز مطلقاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015