مضت الأربعة أشهر، فأبى أن يفيء، يعني أبى أن يطأ المرأة، فإنه يؤمر بالطلاق، يقول له الحاكم: " طلِّق "، لقوله تعالى: {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق، فإن الله سميع عليم} .
ولا تطلق عليه بمضي الأربعة أشهر، فلا يقع عليه الطلاق حتى يطلق.
ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " إذا مضت أربعة أشهر يوقف المُولي، ولا يقع الطلاق حتى يطلِّق " (1) .
يوقف المولي: يقال له: إما أن تفيء، وإما أن تطلق، ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق، رواه البخاري في صحيحه وقال: ويذكر عن عثمان وأبي الدرداء وعائشة واثني عشر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - " ا. هـ.
وروى كثيراً من هذه الآثار البيهقي في سننه، ولا يُعلم لهؤلاء مخالف، فكان ذلك إجماعاً، خلافاً لأبي حنيفة، فإنه يرى وقوع الطلاق بمجرد مضي المدة المذكورة. لكن الصحيح ما تقدم، فإن الله قال: {فإن عزموا الطلاق} ، ولما تقدم من أثر ابن عمر وأثر من تقدم ذكره، ولا يعلم لهم مخالف.
قال: [فإن أبى طلق حاكمٌ عليه]
إن أبى الطلاق فإنه يطلق القاضي عليه، وذلك لأن الطلاق هنا بحق والطلاق مما تكون فيه النيابة، كما تقدم في الوكالة بالطلاق.
قال: [واحدةٌ أو ثلاثاً أو فسخ]
يعني للقاضي أن يطلق واحدة وله أن يطلق ثلاثاً وله أن يفسخ.
وعن الإمام أحمد وهو مذهب الشافعي: أنه ليس له إلا أن يطلِّق واحدة، كما أنه ليس له أن يأخذ من المدين سوى ما عليه من الحق، فكذلك لا يطلق إلا واحدة، والطلاق الثلاث تقدم أنه محرم.
وذكر القاضي من الحنابلة: أن المنصوص عن الإمام أحمد أن الطلاق يكون بائناً، وفيه – فيما يظهر لي – قوة، وذلك لأنه طلاق من قبل الحاكم فأشبه هذا الفراق الذي يكون في اللعان فإنه طلاق بائن.