ثبت في المسند وسنن أبي داود والنسائي وغيرهم من حديث معاوية بن حيده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل فقيل له: ما حق زوجة أحدنا عليه فقال: (أن تطعمها إذا أكلت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت) والحديث حسن، فهذا فيه ألا يهجر إلا في البيت والله قيده في القرآن بقوله: {واهجروهن في المضاجع} ، وثبت في البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: آلى من نسائه شهراً فأقام في مشربه – أي غرفه – تسعة وعشرين يوماً فقيل له: آليت شهرا، ً فقال: (الشهر تسع وعشرون) ، فهنا النبي - صلى الله عليه وسلم - هجرهن في غير البيوت، وبوب عليه البخاري، والجمع بينهما أنه ينظر إلى الأصلح، فإن كان الأصلح هجرها في البيت هجرها فيه وهو الأولى، وإن كان الأصلح هجرها في خارج البيت هجرها في خارجه.

الدرس التاسع والثلاثون بعد الثلاثمائة

باب الخلع

الخلع لغةً: مصدر خلع، وخلع المرأة خلعاً.

وذلك أن المرأة لباس للرجل، والرجل لباس المرأة كما قال تعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} ، فإذا افتدت المرأة نفسها من زوجها على عوض تبذله له فهذا خلع لأنها قد خلعت زوجها وزوجها لباس لها.

وإصطلاحاً: فراق الرجل امرأته على عوض تبذله له، والأصل فيه قوله تعالى: {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} ، لا جناح على المرأة في فراق الرجل، ولا جناح على الرجل في فراقها على هذا العوض.

قال: [من صح تبرعه من زوجةٍ وأجنبي صح بذله لعوضه]

من صح تبرعه وهو الحر الرشيد غير المحجور عليه لحظ نفسه، فإنه يصح بذله لعوض الخلع، سواء كان الباذل للعوض الزوجة أو أجنبي كولي المرأة أو غيره، فلا يصح بذل العوض إلا لمن يصح تبرعه لأن العوض تبرع فلا يصح إلا ممن يصح تبرعه، أما المحجور عليه لحظ غيره، فإن بذله للعوض صحيح، وذلك لأن ذمته سالمة ويصح له أن يتصرف فيها.

فالقاعدة: أن من صح تبرعه صح بذله للعوض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015