فهنا لا يجب لهن القسم ولا النفقة وذلك لأنهن ناشزات والناشزة لا قسم لها ولا نفقة فهي عاصية لزوجها والعاصية لا تجب لها النفقة ولا القسم.
المسألة الرابعة: وهي فيما إذا سافرت بإذنه في حاجة، فالمذهب كما ذكر المؤلف أنه لا قسم لها ولا نفقة، وذلك كأن تسافر المرأة للعلاج أو لزيارة الأقارب وأذن لها الزوج فلا يجب لها القسم ولا النفقة، أما القسم فظاهر وذلك لأنها مسافرة وهو مقيم، ولا يقضي لها لأن العذر جاء من جهتها، ثم إنه إذا سافر هو فلا يجب أن يقضي فأولى من ذلك ألا يقضي لها إذا سافرت.
وأما النفقة فالقول الثاني في المسألة وهو اختيار ابن عقيل من الحنابلة وذكره الموفق احتمالاً: أن النفقة واجبة وهذا هو الظاهر، لأن النفقة ثابتة لها فلا تسقط إلا بدليل يدل على إسقاطها، وهنا لا دليل يدل على ذلك، وليست بناشزة فتسقط النفقة عليها بل إنها قد استأذنته فأذن لها، إلا أن يكون قد شرط عليها ألا ينفق عليها وأما إن لم يشرط ذلك فإن النفقة واجبة.
قال: [ومن وهبت قسمها لضرتها بإذنه أوله فجعله لأخرى جاز]
إذا وهبت قسمها لضرتها بإذنه أي بإذن الزوج، فيشترط أن يأذن الزوج بذلك لأنه حق له فاشترط إذنه، أو وهبت قسمها له، كأن يكون له ثلاث نسوة فقالت إحداهن: لك ليلتي فجعله لأخرى من نسائه جاز، لما ثبت في الصحيحين: " أن سودة بنت زمعة وهبت لعائشة يومها فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومها ويوم سودة "، فالهبة جائزة لأن هذا حق للمرأة وحق للرجل، فقد رضى الرجل بإسقاط حقه، والمرأة الواهبة رضيت بهبته وإسقاط حقها، وحينئذٍ فإن وهبته لفلانة جاز ذلك بإذنه وإن وهبته له فإنه يهبه لمن يشاء من نسائه.
وهل للمرأة أخذ العوض على الهبة؟
المذهب أنه لا يجوز، واختار شيخ الإسلام وذكر أنه المذهب: أن ذلك جائز، وهو الراجح، لأنه أخذ عوض على حق فأشبه سائر الحقوق، فإذا أخذت عوضاً من زوجها أو من الموهوب لها فذلك جائز لأنه حق لها.