القول الثاني في المسألة وهو رواية عن الإمام أحمد وهو قول ابن المنذر واختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم: أن النكاح يدوم ما لم تنكح فما دامت هذه المرأة لم تنكح وأسلم قبل أن تنكح فإن النكاح ثابت فإذا نكحت انفسخ النكاح، قال شيخ الإسلام: ولا فرق ما بين قبل الدخول وبعده، أي ولو كان إسلام أحدهما قبل الدخول فكذلك، إذا أسلم زوجها قبل أن تنكح فإن النكاح يدوم وما ذهب إليه شيخ الإسلام هو الراجح، أما المسألة الأولى وهي ما بعد الدخول فلما ثبت عند الخمسة من حديث ابن عباس: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول "، وهو من حديث داود بن الحصين عن عكرمة، وحديث داود بن الحصين عن عكرمة ضعيف، لكن للحديث شاهدان مرسلان عند سعيد بن منصور ولذا صححه الإمام أحمد وغيره.
ويدل عليه ما ثبت في صحيح البخاري – كما أنه يدل على أنه لا فرق بين ما قبل الدخول وبعده ما لم تنكح المرأة - عن ابن عباس قال: " كانت المرأة إذا هاجرت من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض ثم تطهر فيحل لها النكاح فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه "، وهذا عام في من دخل بها ومن لم يدخل بها، وأيضاً في هذه الأحاديث لا تطرق لذكر العدة ولم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسأل النساء المهاجرات هل انقضت عدتهن أم لا.
وفي حديث أبي العاص في سنن الترمذي قال: " وكان ذلك بعد ست سنين "، أي بعد انقضاء عدتها بزمن طويل، والصحيح في هذه المسألة ما اختاره شيخ الإسلام وهو قول ابن المنذر ورواية عن الإمام أحمد، وأن المرأة إذا دخل بها ثم أسلمت أو أسلم زوجها فإن الزواج باقٍ بينهما ما لم تنكح، فإن نكحت فقد فسخت بنكاحها النكاح الأول، ورجح شيخ الإسلام أنه لا فرق بين من دخل بها ومن لم يدخل بها، وعمومات الأدلة تدل على هذا وفيه – كما ذكر شيخ الإسلام – مصلحة محضة، فإن فيه ترغيباً لمن لم يسلم منهما في الإسلام.