أما إذا كان الفسخ بعد الدخول يثبت لها المسمى في العقد سواء كان أقل من مهر المثل أو أكثر من مهر المثل، هذا هو المشهور في مذهب الإمام أحمد، ومذهب الشافعية وهو رواية عن الإمام أحمد، أن لها مهر المثل، قالوا: لأنه فسخ يرجع إلى العقد والفسخ الذي يرجع إلى العقد يكون فيه مهر المثل كعامة الفسوخ التي ترجع إلى بطلان النكاح، والراجح ما ذهب إليه أهل القول الأول وذلك لأن المهر يستقر بالدخول، فإذا دخل بالمرأة فقد استقر المهر وقد سمي لها مهراً، وأما ما قاله الشافعية من أنه فسخ يرجع إلى العقد فكان فيه مهر المثل.
فالجواب: أنه إنما يرجع إلى العقد في العقود الفاسدة، وهذا لو كان فاسدا لم يمض ولم نثبت فيه خياراً بل لأبطلناه، ويدل على هذا ما تقدم من الآثار عن عمر فإنه قال: " فلها صداقها كاملاً "، وقال في الأثر الآخر: " فلها الصداق "، أي الصداق المسمى كما تدل عليه الرواية الأخرى، فالراجح أن لها المهر المسمى، ويرجع بهذا المهر الذي قد سماه لنا، ويرجع إلى من غرّه.
والغار: هو من علم بالعيب وكتمه سواء كان الولي أو الوكيل أو المرأة فيرجع إلى من غره.
وعليه فيرجع إلى الولي، وقد تقدم أثر عمر " وذلك لزوجها غرم على وليها " فيرجع على الولي، فإن أنكر الولي بيمينه أنه لا يعلم هذا العيب وكان هذا العيب ممكن أن يخفى عليه ويمكن أن يصدق ككثير من العيوب التي تكون باطنة، أو أن يكون ولياً بعيداً كأن يزوجها ابن عمٍ فيخفى عليه عيب ظاهر فيها، يطلع عليه أهل بيتها، فإن ثبت أنه لا يعلم باليمين فإنه يرجع إلى المرأة، لأنها هي التي غرته من نفسها، لأن الولي ثبت أنه لا يعلم بيمينه فحينئذٍ يرجع إلى المرأة إن كانت المرأة عاقلة وعالمة، أما إذا لم تكن عاقلة فإنه لا يرجع وكذلك إن كانت غير عالمه.
فإن قيل: هل يتصور أن تكون المرأة ليست بعالمه؟