وأما ما رواه النسائي من حديث الأسود عن عائشة أنه كان حراً فالرجح أنه عبدٌ لأن عروة والقاسم أقرب إلى أم المؤمنين عائشة من الأسود بن يزيد فروايتهما ترجح على رواية الأسود لأنهما أقرب ولأنهما أكثر وأيضاً لما ثبت في البخاري عن ابن عباس قال: " كان زوج بريرة عبداً أسود لبني المغيرة يقال له مغيث.

الحالة الثانية: أن تعتق تحت حر فقد اختلف أهل العلم في هل يثبت لها الخيار أم لا؟

المذهب وهو مذهب الجمهور أنه لا يثبت لها الخيار، ولذا قال المؤلف – وإن أعتقت تحت حر فلا خيار لها – وذلك لأن المكافأة ثابتة بعد حريتها.

والقول الثاني في المسألة وهو مذهب الأحناف وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم أن لها الخيار، وهذا الخلاف يرجع إلى مسالك أهل العلم في كون النبي - صلى الله عليه وسلم - خير بريرة من زوجها مغيث، هل كان هذا لفقدان المكافأة بينهما بعد ثبوتها فأصبحت ذات كمال تحت ذي نقص، هذا هو المشهور في مذهب الحنابلة وهو مذهب الجمهور، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما خيرها بهذا المعنى.

المسلك الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما خير بريرة لأنها لما عتقت ملكت رقبة نفسها وملكت بضعها ومنافع بضعها وكانت قد زوجت من سيدها بلا رضا منها لأنها مملوكة لها، وحينئذٍ فلا فرق بين أن تكون تحت حر أو عبد، وذلك لأن المعنى ثابت في هاذين النكاحين، وهذا المسلك هو الأرجح وذلك لضعف المسلك الأول من وجهين – كما قرر هذا ابن القيم في زاد المعاد – أما الوجه الأول: فلأن شروط النكاح لا تشترط استدامتها. من ذلك: أن الزانية لا يحل نكاحها فإن زنت في عصمة الرجل فإن النكاح لا يبطل عند عامة أهل العلم، ومن ذلك أن رضا المرأة غير المجبرة شرط في صحة النكاح ابتداءً، وليس شرطاً في أثناء النكاح فلو كرهته ولم ترض به بعد النكاح فإن النكاح لا ينفسخ بذلك، فإن ثبت هذا في الشرط فكذلك في المكافأة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015