وحينئذ فإذا أوصى لوارث فإنه يكون موقوفاً على الورثة لأن المقصود منه حفظ حقهم.
ولذا قال - صلى الله عليه وسلم - كما في الدارقطني بإسناد حسن، من الحديث المتقدم "إلا أن يشاء الورثة".
ولذا قال: [إلا بإجازة الورثة لهما بعد الموت] .
قوله "لهما" أي للأجنبي وللوارث.
وتكون إجازة الورثة معتبرة بعد الموت لا قبله ولذا قال في الحديث: "إلا أن يشاء الورثة" وهم إنما يكونون ورثة بعد موت مورثهم.
إذن: إن أجازوا الوصية لوارث، أو لأجنبي بما فوق الثلث أجازوا ذلك وهو في مرض الموت، فلهم أن يرجعوا عن هذا بعد موته لقوله: "إلا أن يشاء الورثة".
قال: [فتصح تنفيذاً] .
فتصح إجازتهم تنفيذاً لا ابتداءً.
بمعنى: أنه إذا أوصى له، وهو وارث بكذا من المال فأجازه الورثة، فهذه الإجازة من الورثة تكون تنفيذاً لوصية مورثهم، وإمضاءً لها وليست هبةً مبتدأة منهم فيشترط فيها ما يشترط في الهبات.
لقوله: (إلا أن يشاء الورثة) بعد قوله: "فلا وصية لوارث" أي إلا أن يشاء الورثة الوصية وهذا هو مذهب جمهور العلماء.
وعن الإمام أحمد: أنها هبة مبتدأة، والصحيح ما تقدم فهي وصية منفذة، وعليه فلا يشترط فيها قبض ولا غير ذلك مما يشترط في الهبات.
قال: [وتكره وصية فقير وارثه محتاج] .
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) .
قال: [وتجوز بالكل لمن لا وارث له] .
فتجوز الوصية بالكل لمن لا وارث له، وكذلك إذا كان له وارث فله أن يوصي له بما بقي من التركة فلو مات عن زوجته – ولم نقل بالرد عليها كما هو المشهور في المذهب – فقال: أوصي بمالي لزوجتي فحينئذ تأخذ الزوجة التركة كلها فرضاً ووصية وذلك لأن المنع من الزيادة على الثلث لحفظ حق الورثة بدليل قوله: ((إلا أن يشاء الورثة) ولذا إذا أجازوها مضت، فالمقصود حقهم، وحيث لا ورثة فحينئذ لا حق يعارض هذه الوصية.
قال: [وإن لم يف الثلث بالوصية فالنقص بالقسط] .