وإذا أعتق عبداً في مرضه المخوف وليس له سوى هذا العبد، وعند الموت أصبح يملك ثلاثة أعبد فإنه يعتق عليه هذا العبد؛ لأنه ثلث ماله.
ولو وهب رجلاً ثلاثين ألفاً في مرضه المخوف، وعند موته كان عليه ديونه تستغرق هذه الثلاثين فحينئذ تقدم ديونه ولا شيء للمعطى.
إذن: العبرة بحال الموت، فيعتبر الثلث بحال موته لا عند العطية.
قال: [ويسوى بين المتقدم والمتأخر في الوصية، ويبدأ بالأول فالأول في العطية] .
هنا فوارق بين الوصية والعطية.
الفارق الأول: أنه يُسوى بين المتقدم والمتأخر في الوصية، فإذا أوصى لزيدٍ بعشرة آلاف، ثم أوصى لعمرو بعشرةٍ آلاف ومات عن ثلاثين ألفا، فالثلث هو عشرة آلاف، فكل واحد منهما يأخذ خمسة آلاف فيسوى بين المتقدم والمتأخر.
وذلك لأن الوصية تبرع بعد الموت، فهو تبرع مشروط بالموت، والموت يحصل دفعةً واحدةً فاستويا ولم يسبق أحدهما الآخر في الملكية.
وأما العطية فيقدم الأول فالأول:
فإذا وهب زيداً عشرة آلاف، في مرضه المخوف، ثم وهب عمراً عشرة آلاف، ثم مات وترك ثلاثين ألفاً، فالثلث عشرة آلاف نعطيها زيداً ولا يكون لعمرو شيئاً، لأن الأول يُقدم.
وهذا الفارق بينهما علته: أن العطية لازمة بخلاف الوصية فإنها جائزة ولا تلزم إلا بالموت، ففي العطية يكون ملك زيدٍ سابق لملك عمرو.
قال: [ولا يملك الرجوع فيها] .
هذا فارق آخر بين العطية والوصية، هو أن العطية لا يملك الرجوع فيها.
فإذا وهب في مرضه المخوف زيداً عشرة آلاف وقبضها زيد فإنه لا يملك الرجوع فيها، لأنها أصبحت لازمة.
وأما الوصية فيملك الرجوع فيها.
فلو أن رجلاً في مرضه المخوف أو قبل ذلك أوصى بثلث ماله ثم بدا له أن يرجع، فله ذلك لأنها لا تلزم إلا بالموت وهذا فارق آخر.
قال: [ويعتبر القبول لها عند وجودها] .