فإن فضّل بعض أولاده تفضيل جورٍ منهي عنه فإنه يجب عليه أن يسوي بينهم إما بأن يُرجع صدقته وعطيته، وإما أن يعطي الآخر، أو يزيده حتى يسوي بينهم.
إذا أعطى الذكر ولم يعطِ الأنثى شيئاً فنقول: إما أن تأخذ هذه العشرة آلاف فترجع بهبتك، وإما أن تعطي الأنثى خمسة آلاف وإن كان أعطاها ألفاً أو ألفين فنقول: زد حتى تصل إلى خمسة آلاف.
قال: [فإن مات قبله ثبتت] .
وهب الأب ولده هبةً، وكانت هبة جورٍ حيث أنه قد خصّه بها دون باقي أخوته فمات الوالد ولم يرجع عن هذه الهبة فإنها تثبت للولد، وليس لباقي الورثة المطالبة بها، هذا هو المشهور في المذهب.
- وعن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام وهو قول طائفة من الحنابلة: أن لهم أن يرجعوا، فللورثة أن يطالبوا بها، وهذا هو الراجح.
وذلك لأن هذه العطية عطية جورٍ وظلم، والظلم محرم على فاعله ومحرم أيضاً تناوله، وهذا قد تناوله جوراً وظلماً فكان لمن له حق أن يطالب به، فأخذ هذا الموهوب له بغير حق فكان للورثة المطالبة به.
وفي قوله: [في عطية أولاده] .
ظاهره أن التعديل الواجب في الولد دون سائر أقاربه كإخوانه أو بني عمه أو نحو ذلك.
وفي المسألة قولان في المذهب.
أشهرهما هذا، وأن التعديل ليس واجباً في سوى الأولاد من سائر الأقارب.
وهذا هو الراجح لأن الأصل هو جواز تصرفه في ماله وإنما استثنى الأولاد لمعنى يختص بهم وهذا المعنى لا يثبت في الأقارب فلم يلحقوا بهم.
قال: [ولا يجوز لواهب أن يرجع في هبته اللازمة] .
الهبة اللازمة تقدمت وهي الهبة المقبوضة.
فلا يجوز للواهب أن يرجع في هبته التي قبضها المتهب، للحديث المتقدم: "ليس لنا مثل السوء العائد في هبته، كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه" متفق عليه.
وظاهره ولو كان يريد بها الثواب، فإذا وهب هبةً يريد بها الثواب فليس له الرجوع، هذا هو المشهور في المذهب.