وقال بعض أهل العلم وهو قول في مذهب الإمام أحمد: أنه يجوز له أن يبيعها وذلك لأنه أحق بها، فهي من اختصاصاته فهو وإن لم يملكها لكنها اختصاص له، وهذا هو القول الراجح، ويدل عليه ما روى أبو داود بإسناد جيد: أن جٌهنيين لحقوا النبي - صلى الله عليه وسلم -?في ذهابه إلى تبوك في الرحبة فقال: من أهل ذي المروءة فقيل له: بني رفاعة من جهينة، فقال: قد أقطعتها: "أي الرحبة" لبني رفاعة" قال الراوي: فمنهم من باع، ومنهم من أمسك فعمل". وهذا هو القول الراجح، وأن من أقطع أرضاً لسكناها لزراعتها أو حجرها تحجيراً، أي حوطها بالأحجار أو بالتراب أو نحو ذلك فهو أحق بها وله بيعها لأنها من اختصاصاته.
فإن أقطع ووجد فيها معادن سواء كانت معادن باطنة كالذهب والفضة، أو كانت معادن ظاهرة كالملح والكُحل، والمعادن الظاهر هي التي لا تحتاج إلى حفرٍ وإنما تكون ظاهرة على الأرض، وقد تحتاج إلى كشفٍ يسير، وأما المعادن الباطنة فهي التي تحتاج إلى حفرٍ وعمل، فإذا أقطع أرضاً فوجد فيها معدناً من المعادن سواء كان ظاهراً أو باطناً فهو له، لأنه في ملكه فهو مالك للأرض وما فيها.
وهل للإمام أن يقطع أرضاً فيها معادن؟
أما المعادن الظاهرة فليس للإمام بالاتفاق أن يقطعها، كأن تكون أرض فيها ملح فليس للإمام أن يقطعها وذلك لما فيه من الإضرار بالناس، فالناس يشتركون فيها كما يشتركون في الكلأ ونحوه.
ولذا روى الأربعة إلا النسائي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -????أقطع أبيض ابن حمّال معدن الملح بمأرب فقيل له، إنما قطعت له الملح العدّ أي الملح الذي?هو كالماء الجاري على الأرض فانتزعه منه) .
أما المعادن الباطنة التي تحتاج إلى حفرٍ وعمل فقولان في المسألة.
القول الأول??وهو المشهور في المذهب وهو مذهب الشافعية?أنه ليس له ذلك أيضاً كالمعادن الظاهرة.