قالوا: ليس له الشفعة، فالموقوف عليه ليس له أن يأخذ الباقي سواء كان للوقف أو له، قالوا: لأن ملكه ملك ناقص، والذي تصرف له مصالح الوقف ملكه ملك غير تام، وعليه فلا شفعة، والقول الثاني في المسألة وهو قول بعض الحنابلة واختاره الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله أن له الحق في الشفعة، وهذا القول هو الراجح، وذلك لأن الأدلة لم تفرق بين الملك التام والملك الناقص، بل هنا ضرر هذا أعظم، لأن هذا الموقوف عليه لا يمكنه بيع الوقف حتى يخرج من ضرر هذا الشريك، بخلاف الآخر فإنه إذا تضرر فيمكن له أن يبيع، ومع ذلك أثبتنا له الشفعة، فأولى من ذلك هنا.
قوله [ولا غير ملك سابق]
إذا اشترى اثنان دارا من رجل، فليس لأحدهما الشفعة، وذلك لأنه لا مزية لأحدهما شعلى (?) الآخر، فمثلا: اشترى زيد وعمرو دارا من رجل، فلا تثبت الشفعة لأحدهما في نصيب الآخر، فلا نقول: لك أن تملك المبيع كله شفعة، وذلك لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر، فترجيح أحدهما على الآخر ترجيح لا مرجح، فلا بد أن يكون هناك ملك سابق.
قوله [ولا لكافر على مسلم]
فلا تثبت الشفعة لكافر على مسلم، فلو أن رجلا له دار ويشاركه ذمي في هذه الدار فباع المسلم نصيبه لمسلم آخر فهل تثبت الشفعة للذمي؟
قالوا: لا تثبت وهو المشهور من المذهب، وقال الجمهور: تثبت الشفعة للذميين، وذلك لعمومات الأدلة، وأما الإمام أحمد وهو اختيار ابن القيم وذكر أنه ليس أحد من السلف يقول بالشفعة لهم، وذلك لأن ثبوتها للمسلم لا يلزم منه ثبوتها للذمي، وذلك لأن مراعاة حق المسلم أولى وأعظم، فلا يلحق به غيره، كيف وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم: (وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه) [م 2167] فكيف يؤخذ من المشتري المسلم لمراعاة حق هذا الذمي، وهذا القول هو القول الراجح وهو اختيار ابن القيم.
فصل