فالجار ليسب (?) له شفعة، وإنما الشفعة للشريك، فلو أن رجلا بجانبه أرض، فأراد صاحبها أن يبيعها فليس هو - أي الجار - أحق بالشراء بخلاف الشريك، وهذا هو المشهور في المذهب، واستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتقدم: (فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) والجار وقعت الحدود بينه وبين جاره، وصرفت الطرق فحينئذ لا شفعة، وهذا هو مذهب جمهور العلماء، وقال الأحناف بل له الشفعة، واستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الجار أحق بصقبه) أي أحق بسبب ملاصقته وقربه، وفي المسند والترمذي وغيرهما من حديث آخر أن ذلك في الشفعة [حم 13841، ت 1369، د 3518، جه 2494] وعن الإمام أحمد وهو اختيار غير واحد من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبد الرحمن بن سعدي وغيرهم من أهل العلم أن المسألة فيها تفصيل: فالجار أحق بالشفعة إن كان بينهما حق مشترك كأن يكون الطريق مشتركة بينهما أو يكون البئر مشتركا بينهما أو نحو ذلك، فحينئذ الجار أحق بالشفعة، وأما إن لم يكن بينهما طريق مشترك ولا حق آخر من الحقوق المشتركة فحينئذ الجارة (?) أسوة غيره، وهذا القول هو الراجح، وهو الذي تجتمع به الأدلة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) وهنا ليس الأمر كذلك، فإن ثمت طريق مشترك أو حق مشترك، وقد نص على ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أحمد والأربعة بإسناد صحيح أنه قال: (الجار أحق بشفعة جارة (?) ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا) [سبق تخريجه قريبا] فدل هذا الحديث على أن الجار أحق بشفعة جاره إذا كان الطريق مشتركا أو نحو الطريق مما يكون فيه اشتراك بينهما من بئر ونحوه.