فتثبت الشفعة لشريك في أرض، وهذا هو المشهور من المذهب وأن الشفعة لا تثبت في العقار، وأما المنقول كالحيوان والمركوبات كالسفن ونحوها فالشفعة لا تثبت فيها، واستدلوا بما تقدم من أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) قالوا: فدل على أن الشفعة لا تثبت إلا فيما كان عقارا غير منقول من بستان وأرض وبناء ونحو ذلك، وعن الإمام أحمد وهو اختيار ابن عقيل واختيار شيخ الإسلام وهو مذهب أهل الظاهر أنها تثبت فيه، فتثبت في المنقول كما تثبت في العقار، واستدلوا بما رواه الطحاوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الشفعة في كل شيء) [ت 1371، طب 11 / 123 برقم 11244، هق 6 / 109، شرح معاني الآثار 4 / 126، قال الحافظ في الفتح:" رجاله ثقات إلا أنه أعل بالإرسال، وأخرج الطحاوي له شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس برواته "] وفيه عنعنة ابن جريج لكن له شواهد، وصوب الترمذي إرساله عنده من حديث ابن عباس، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، قالوا: وهذا عموم أيضا، قالوا: وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) فهذا لا يعدو إلا أن يكون ذكر شيء من أفراد العام، وذكر شيء من أفراد العام لا يفيد التخصيص كما هو مقرر في علم الأصل، وهذا القول هو الراجح، ولأن المعنى الذي من أجله ثبتت الشفعة ثابت أيضا فيما سوى العقارات من المنقولات.
وقوله (تجب قسمتها) أي تجب قسمتها عند المطالبة، فما يمكن قسمته تجب قسمته عند مطالبة من له جزء بذلك، فالأرض مثلا يمكن قسمتها، وكذلك البستان ونحو ذلك، ومثال ما لا يمكن قسمته قسمة البئر، فإذا اشترك اثنان في بئر فلا يمكن أن نقسمه، وكذلك إذا اشتركا في دار صغيرة، فكذلك لا يمكن قسمتها فلا تثبت فيها الشفعة.