فإذا كان هذا المغصوب له مثلي لكنه متعذر وقد أعوز الغاصب أن يأتي بمثله، كأن يغصب منه طعاما مكيلا ولا يتوفر هذا الطعام في تلك البلاد، فإنه يضمن قيمته يوم تعذره، فإذا كان تعذره في الأسواق في شهر كذا فينظر قيمته يومئذ، ويعطيها الغاصب للمغصوب منه، قالوا: لأنه إنما وجب في ذمة الغاصب حينئذ أي حين انقطاع هذا المثلي أو تعذره، وهذا هو المشهور من المذهب، وهو إحدى الروايات الثلاث عن الإمام أحمد، والرواية الثانية: أنه تجب عليه قيمته يوم حكم الحاكم أي عند المحاكمة، فإذا حكم الحاكم في آخر الشهر بأن عله المثلي، فكان المثلي متعذرا ففي هذا اليوم يتعلق في ذمته قيمة المثلي، وهذا هو مذهب جمهور العلماء، قالوا: لأنه إنما وجبت القيمة في ذمته عند حكم الحاكم، والرواية الثالثة عن الإمام أحمد واختارها شيخ الإسلام أنه تجب عليه القيمة يوم غصبه، وهي أصح الروايات الثلاث، فالقول الراجح ما اختاره شيخ الإسلام، وأنه إن كان الواجب عليه مثله لكن المثل متعذر فتجب عليه قيمته يوم غصبه، وذلك لأنه قد أتلفه على المغصوب منه حقيقة يوم غصبه، وإنما أوجبنا المثل لأن المثل بدل عن المغصوب، فحيث تعذر المثل فإننا نرجع إلى الأصل، والأصل قد أتلف عليه بالاغتصاب، وهذا هو القول الراجح في هذه المسألة.
قوله [ويضمن غير المثلي بقيمته يوم تلفه]
وغير المثلي في المذهب ما ليس بمكيل ولا موزون أو كان مكيلا أو موزونا لكن فيه صنعة مباحة كالحلي من الذهب، أو لا يصح سلما كالجوهر واللؤلؤ، فيكون ضمانه بقيمته إذ لا مثل له، وقد تقدم القول الراجح وهو عدم تخصيص المثلي بما ذكره الحنابلة، بل كل ما ليس له مثل فهو داخل في هذا، وما كان له مثل فهو داخل في المسألة السابقة، سواء كان مكيلا أو موزونا أو غير ذلك.