فمع الضمان فيه أجرة، فهذا المعير الثاني وهو عمرو قد تصرف فيها بغير إذن، فوجبت الأجرة، لأنه انتفاع بملك الغير بلا إذن فوجبت منه أجرة المثل سواء تلفا العين أم لم تتلف، والأجرة واجبة على معيرها وهو المستعير الأول، أي عمرو، قالوا: لأنه قد غرر بالمستعير الثاني أن يستوفي منفعة عين غيره بغير حق، فقد غرر بالمستعير الثاني وظن أنها ملك له، أو أنه مأذون له بأن يعيرها غيره، فغرر به فتصرف بها بغير حق، فتكون الأجرة على هذا المغرر، وعليه فإذا كان المستعير الثاني عالما بالحال أي عالما بأن هذه عارية وليست مالكا وأنه قد أعاره ملك غيره فحينئذ يكون قد دخل على بصيرة وعليه فالأجرة عليه كما يقرره فقهاء الحنابلة، إذن الأجرة على المستعير الأول حيث لم يكن المستعير الثاني عالما بأنها ملك غيره بل هو ظن أنها ملك له أو مأذون له بالإعارة،أما إذا علم أن هذا المستعير الأول قد أعاره إياها ولا إذنه أو ظنه غاضبا أو غير ذلك ومع ذلك تصرف في ملك غيره فإن الأجرة تجب عليه أي على المستعير الثاني لأنه هو المنتفع بهذه العين فوجب عليه عوضها.
قوله [وضمن أيهما شاء]
فإذا تلفت العين فإنه يضمن أيهما شاء، فإن شاء ضمن عمروا وهو المستعير الأول وإن شاء ضمن بكرا وهو المستعير الثاني.
أما تضمينه للمستعير الأول فلأن المستعير الأول تصرف في العارية بغير إذن، بأن سلط عليها غيره بغير حق، وأما تضمينه للمستعير الثني فلأن التلف حصل في يده، فإن ضمن المستعير الأول وهو عمرو، فإنه يرجع على المستعير الثاني بالضمان، لأن الضمان واجب عليه في الأصل، كما تقدم في مسألة نظيرة لهذه في باب الضمان.
قوله [ون أركب منقطعا للثواب لم يضمن]