فالعارية مضمونة بقيمتها يوم تلفت لأنه هو يوم فواتها على معيرها، فالعارية مضمونة وإن لم يتعد ولم يفرط، وإن كانت مثلية فالضمان بالمثلي وإلا فبقيمته، ولو شرط نفي ضمانها فإنها تضمن، فلو قال المستعير بشرط ألا أضمن، فإنه يضمن ولا يعتبر هذا الشرط، وهذا هو المشهور في مذهب أحمد والشافعي، واستدلوا بما رواه الخمسة بإسناد صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) [حم 19582، ت 1266، د 3561، جه 2400، ن الكبرى 3 / 411] قالوا: فهذا يدل على أن اليد يجب عليها ما أخذت حتى تؤديه إلى مالكه، واستدلوا بما رواه أحمد وأبو داود من حديث صفوان ابن أمية: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعار منه دروعا يوم حنين فقال: أغصب يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة) [حم 27089، د 3562] والحديث فيه شريط بن عبد الله، وله شاهد من حديث جابر في مستدرك الحاكم [كم 3 / 48، 49] فالحديث حسن، فإذا تلفت العارية بغير تعد ولا تفريط فإنه يضمن كأن تأتيها آفة من السماء ونحو ذلك، وهنا احتراز لا بد منه: وهو أن المراد بالتلف غير التلف الذي تقتضيه استعارتها، مثاله: عندما يستعير ثوبا ليلبسه فإنه لا بد أن يحصل لهذا الثوب شيء من التلف فإن الثوب يبلى، وهكذا سائر الأشياء المستعارة، فهذا التلف الذي يقتضيه الاستعمال لا ضمان فيه وإن أتى على الشيء المعار كله، وذلك لأن الإذن باستعمال هذه العارية متضمن للإذن بإتلافها عادة، والقول الثاني وهو مذهب الأحناف، وهو أن العارية غير مضمونة، واستدلوا بما رواه أحمد وأبو داود والنسائي في الكبرى والحديث صحيح لطرقه، وصححه ابن حبان وغيره: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ليعلى بن أمية: إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعا، فقال: يا رسول الله أعارية مؤداة أم عارية مضمونة؟ فقال: بل عارية مؤداة) [حم 27089، د 3566، حب 11 / 22، ن الكبرى