والذي يقوى والله أعلم ما ذهب إليه الجمهور من أنه عقد لازم، وذلك لأن الله أمر بالإيفاء بالعقود في قوله {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} وقال {وأوفوا بالعهد إن العقد كان مسؤولا} وهذا عقد وعهد فهو عقد لازم، فالأصل في العقود اللزوم، إلا أن يأتي دليل يدل على عدم لزومها كما يكون هذا في الوكالات وفي الشركات فإنها وكالة، وكما يقع في التبرعات فهي عقود جائزة بدلالة الأدلة، وأما غيرها فيبقى على الأصل، ولأن المسلمين على شروطهم، وهذا قد دخل على شرط وعقد فيجب أن يوفي به، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: (نقركم فيها على ما شئنا) فيجمع بينه وبين الأدلة التي استدل بها أهل القول الثاني بأن يقال: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (نقركم فيها على ما شئنا) أي من السنوات، فأنتم تعملون هذه السنة، وسنوات بعدها نقركم على ما شئنا، فالصحيح ما ذهب إليه الجمهور وهو اختيار شيخ الإسلام وهو قول لبعض الحنابلة وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي.
وعليه فهل يشترط تحديد سنة أو سنتين أو نحو ذلك أو لا يشترط؟
المشهور عند الشافعية أنه يشترط، فإذا لم تحد سنوات فهي مساقاة فاسدة، وقال أبو ثور من الشافعية وهو صاحب اجتهاد: لا يشترط التحديد، وحينئذ تكون هذه المساقاة على سنة، فإذا دخل من غير تحديد فحينئذ تكون على سنة، وهذا القول هو الراجح، ويدل عليه أن الثمار تظهر كل سنة، ولا يلحق الضرر حيث أبطل العقد أو فسخ بعد سنة، وقد ظهرت ثمار سنة وأخذ نصيبه، وأيضا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحدد لأهل خبير سنة ولا سنتين بل قال: (نقركم فيها على ما شئنا) فهذا يدل على عدم اشتراط التحديد ولأنها عقد جائز كالوكالة وهو المذهب. وتملك الثمرة بظهورها فعلى العامل تمام العمل إذا فسخت بعده وله بيعها إن كان غرساً لا ثمراً حتى يبدو صلاحه.
قوله [ويلزم العامل كل ما فيه صلاح الثمرة من حرث وسقي وزبار]