وتسمى بالقراض والمقارضة، وقد ثبتت في موطأ مالك عن عمر وعثمان وحكيم بن حزام (?) ولا يعلم لهم مخالف، ويدل عليها الأصل فإن الأصل في المعاملات الحل، والمضاربة من الضرب في الأرض، لأن المضاربة فيها ضرب في الأرض في السفر للتجارة.
قوله [لمتجر به ببعض ربحه]
فالمضاربة هي دفع مال لمتجر به ببعض ربحه المشاع المعلوم، وصورتها: أن يدفع رجل مالا معلوما لآخر ليعمل به الآخر ويأخذ - أي الآخر وهو العامل - مقابل عمله وتجارته جزءا معلوما مشاعا كالربع والنصف ونحو ذلك، إذن فالمال من أحدهما والعمل من الآخر، بخلاف شركة العنان فإن كان منهما منه المال والعمل، وفي شركة المضاربة لا بد أن يكون الربح مشاعا معلوما كما تقدم من اتفاق أهل العلم على ذلك، فلو قال ببعض الربح لم يصح لما فيه من الغرر، فإن قال: خذ هذا المال فاتجر به والربح كله لك فالمذهب أنه قرض، وذلك لأنه دفع المال ولا ربح له فيه فكان قرضا وهذا هو المشهور من المذهب، وعليه فيضمنه كما يضمن القرض، وذهب المالكية إلى أن هذا العقد صحيح في باب الشركات، فيبقى قراضا أو مقارضة أو مضاربة ولا يكون قرضا، قالوا: لأن الآخر قد دخل على أنه لا ضمان عليه، ونحن إذا جعلناه قرضا فإنه يضمن، وإذا جعلناه شركة فإن العامل لا يضمن، وهو قد أخذ المال على أنه شريك لا على أنه مقترض، وعليه فيكون قوله والربح لك هبة منه، وهذا القول هو الراجح وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وذلك لأنه لم يدخل على أنه ضامن وأن هذا العقد قرض، ولا بد في العقود من الرضى، فتكون مضاربة والربح هبة.
قوله [فإن قال: والربح بيننا فنصفان]
إذا قال خذ هذا المال فاتجر به والربح بيننا، فنصفان لكل واحد منهما نصف، وذلك لأن قوله: والربح بيننا فيه إضافة للمال من غير ترجيح فقد أضاف المال إليهما من غير ترجيح فكان لكل واحد منهما النصف.