قال المؤلف هنا ليس له أن يقبضه من ورثة زيد، لأن عقد الوكالة إنما في القبض من زيد، وليس فيه القبض من ورثة زيد، وأما الوكيل فإنه يقوم مقام زيد، إلا أن يقول قبله، فإذا قال: وكلتك أن تأخذ حقي الذي قِبَلَ زيد أي الذي من جهته فحينئذ يأخذه ولو من ورثته لدلالة اللفظ، واختار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي أنه إن قال اقبض حقي من زيد فله أن يقبضه من ورثته وذلك لأن مراده تحصيل الحق سواء كان من زيد أو من وكيله أو من ورثته، وهذا هو الظاهر من مراده إلا أن يصرح كأن يقول: اقبض حقي من زيد نفسه لا من ورثته فحينئذ ليس له أن يأخذه من ورثته، وما ذكره الشيخ رحمه الله هو الظاهر لأن العبرة بالمعاني لا بالمباني.
قوله [ولا يضمن وكيل في الإيداع إذا لم يشهد]
إذا قبض الوكيل الثمن ثم أودعه أي جعله وديعة عند فلان من الناس ولم يشهد أنه قد أودعه إياه، ثم أنكر المودع عنده فهل يضمن هذا الوكيل؟
قال: لا يضمن، وذلك لأنه لا فائدة من الإشهاد وعليه فإنه لا يكون مفرطا.
وهذا يرجع إلى مسألة اختلف فيها أهل العلم وهي: إذا ادعى المودع عنده الرد، فقال: قد رددت الوديعة، فهل يقبل فوله حينئذ فعليه اليمين، أو لا يقبل قوله إلا ببينة تدل على الرد؟
قولان لأهل العلم:
فالجمهور على أنه يقبل قوله مطلقا، أي قول المودع عنده، فإذا اختلف المودع والمودع عنده في رد الوديعة فالقول قول المودع عنده مع يمينه، وعليه فلا فائدة من الإشهاد، فلو أن المودع أشهد على أنه وضع هذا المال وديعة عند فلان، ثم ادعى أنه قد ردها إليه فإنه يقبل قوله فلا فائدة من هذا الإشهاد، وعليه تنبني هذه المسألة في المذهب.