فكل حق لله تعالى تدخله النيابة من العبادات فيجوز التوكيل فيه كأن يوكل من يذكي عنه أضحية أو من ينحر عنه، كما ثبت في مسلم (?) من توكيل علي بذلك. ويصح أن يوكل من يفرق صدقته أو زكاته، ويصح أن يوكل من يكفر عنه كفارة مالية ويجوز ذلك في العبادات المالية.
وأما العبادات البدنية المحضة كالصلاة والصوم فإن النيابة لا تصح فيها، وتقدم التفصيل في مسألة الحج والكلام عليها.
والأصل في حقوق الله أنها لا تدخله النيابة، ولا يجوز له في المشهور من المذهب إن وكل في الصدقة أن يأخذ منه لنفسه إذا كان من أهل الصدقة وذكر في الإنصاف احتمالاً بالجواز والأظهر الأول لما فيه من التهمة ولأن إطلاق لفظ الموكل ينصرف إلى غيره. لكن هل يجوز له أن يدفع منه لوالده وولده وزوجته فيها وجهان والأظهر المنع للتهمة.
قوله [والحدود في إثباتها واستيفائها]
كذلك تصح الوكالة في الحدود في إثباتها وفي استيفائها أي في إيقاعها على المجرم المعاقب، فيجوز للحاكم أن يوكل من يقوم بالنظر في الأدلة التي تثبت الحد على المتهم، ويجوز له أن يوكل من يستوفي الحدود فيقيمها على أربابها، ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) (?)
فقوله (فإن اعترفت) فيه توكيل في إثبات الحد، وفي قوله (فارجمها) فيه توكيل في استيفاء الحد.
قوله [وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه إلا أن يجعل إليه]
هنا ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يقول الموكل: وكلتك ولك حق التوكيل، ونحو ذلك فباتفاق العلماء له أن يوكل للإذن فيه.
الصورة الثانية: أن يمنعه من التوكيل، فيقول: وليس لك حق التوكيل، أو أنت منهي عن التوكيل، فباتفاق العلماء ليس له أن يوكل.