وكذلك إذا اختلفا في دفع المال، فقال الولي: أعطيته المال بما بلغ رشده، وقال المولي: لم يعطني شيئا، ولا بينة فالقول قول الولي لأنه أمين، وقال ابن رجب في القواعد:" ويحتمل أن يكون القول قول المحجور عليه ما لم يكن هناك بينة "، وقواه صاحب الإنصاف، وهو الذي يظهر، وذلك لأن الأصل عدم الدفع فالأصل هو بقاء المال عند الولي وحيث ادعى الدفع فهو ادعاء لنقل المال من يده إلى يد موليه، فإذا لم يكن له بينة فالأصل هو البقاء، ويده يد أمانة في مدة مكث المال عنده، وعليه فالذي يظهر أن القول قول المولي، لأن الأصل هو بقاء المال، لكن إن أشهد على دفع المال للمولي فإنه يقبل قول الولي للبينة، فإن لم يأت ببينة فيلزمه أي الولي أن يدفع المال إلى المولي في الظاهر، وإن كان في الباطن قد دفعه.
هذا - أي ما ذكره الحنابلة في هذه المسائل كلها - حيث كان الولي متبرعا، وأما إذا كان الولي غير متبرع بل يأخذ مقابل ولايته أجرة، كأن يضع الوالد وصيا لولده مقابل أجرة من المال يأخذها، فحينئذ ليس القول قول الولي في المشهور من المذهب، وذلك لأنه منتفع، فيده ليست يد حفظ وصيانة فحسب، بل يد انتفاع، وحيث كان الأمر كذلك فالقول قول المولي، وسيأتي الكلام على هذه المسألة في الكلام على الوديعة إن شاء الله.
قوله [وما استدان العبد لزم سيده إن أذن له وإلا ففي رقبته كاستيداعه وأرش جنايته وقيمة متلفه]