لقول الله تعالى {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} فله أن يأكل من مال يتيمه، قالوا: وقدره الأقل من كفايته وأجرته مجانا، فيقال: قدر أجرتك بالمعروف لو أننا أردنا أن نعطيك أجرة على هذه الولاية، فقال: كل شهر ألف ريال، هذه الأجرة على حفظ المال وصيانته، وهذا يرجع إلى كثرة المال وقلته وما فيه من تجارات ونحو ذلك، ويقال له بعد ذلك: ما كفايتك؟ فإن قال: ألفا ريال، فيقال له: خذ ألف ريال لأنه الأقل، وإن قال الأجرة خمسة آلاف، وكفايتي ألفا ريال، فيقال: خذ ألفي ريال، إذن يأخذ الأقل من كفايته وأجرته، قالوا: لأنه إنما يأخذ المال بهما، فاشترط اجتماعهما ولا يجتمعان إلا في الأقل، فهو يأخذ المال لأجرة عمله، ويأخذ المال لحاجته وكفايته، فيجتمعان في الأقل لا في الأكثر، والذي يظهر وقد نص عليه الإمام أحمد في رواية حنبل وهو صريح قول بعض الحنابلة أنه يأكل بالمعروف، وهو ظاهر الآية الكريمة، وعليه فلو كانت أجرته أقل أو أكثر والذي يكفيه بالمعروف هو كذا، فإنه يأكل بالمعروف سواء كان ما يأكله أكثر من أجرته أو أقل، ولأن المسألة ليست قضية إجارة، بل هي قضية ولاية فيها معنى الأمانة ونحو ذلك من الحفظ، وهو لا يأخذ عليها مع غناه، بل يأخذ مع فقره، فجاز له الأكل بالمعروف وإن كانت أجرته أقل، وذلك للآية الكريمة المتقدمة، ولما ثبت في سنن أبي داود بإسناد حسن أن رجلا قال للني - صلى الله عليه وسلم -: إني فقير وإن لي يتيما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر - أي متعجل، فتتعجل بالأكل قبل كبر اليتيم - ولا متأثل) [ن 3668، د 2872، جه 2718] مؤجل للمال، فتأخذ شيئا زائدا عن الكفاية، وظاهره أنه يأكل ما يكفيه مطلقا سواء كان ذلك أقل من أجرته أو أكثر منها.
قوله [ويقبل قول الولي والحاكم بعد فك الحجر في النفقة والضرورة والغبطة والتلف ودفع المال]