هذا هو الرشد، قال تعالى {فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} والصلاح في المال ضد الفساد فيه، والفساد هو السفه والتبذير فيما لا فائدة فيه في دين ولا دينا، وأولى منه أن يذره فيما هو حرام من شرب خمر أو غناء أو مجون أو نحو ذلك، وقال الشافعية وهو اختيار ابن عقيل من الحنابلة: الرشد هو الصلاح في المال والصلاح في الدين، وعليه فالفاسق وإن كان رشيدا في تصرفه في ماله فإنه يحجر عليه، قالوا: لأن الفاسق غير ثقة في تصرفه في ماله، والراجح هو القول الأول، وهو أن الفاسق غير محجور عليه، ما دام راشدا في تصرفاته المالية، وذلك لأنه لا تلازم بين الفسق والسفه في المال، فإن الفاسق ثقة في تصرفاته المالية لما في ذلك من حظ نفسه، نعم إذا تصرف في ماله تصرفا يقتضي سفها فهذا يدل على أنه غير راشد في تصرفاته المالية، كأن يتصرف في ماله بمقتضى فسقه تصرفات فيها تبذير في ماله، لكن إن كان راشدا في تصرفاته المالية فلا وجه للحجر عليه، ثم إنهم يقولون إن أعطى ماله وهو عدل رشيد في التصرف في ماله ثم طرأ عليه الفسق فلا يحجر عليه، بخلاف ما إذا طرأ عليه تغير في التصرفات المالية بأن أصبح غير رشيد فإنه يحجر عليه، ففرقوا بينهما، فالراجح ما ذهب إليه الحنابلة من أن الرشد هو الصلاح في المال.

قوله [بأن يتصرف مرارا فلا يغبن غالبا]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015