إذا مات فلا يحل دينه المؤجل، مثال هذا: اقترض رجل من آخر مائة ألف إلى سنة، ثم توفي بعد يوم أو يومين، فلا يحل هذا الدين بل يبقى مؤجلا كما اتفقوا علبه قبل الموت لكن لا بد أن يوثق برهن أو كفيل مليء، فيقال للورثة: إما أن تعطوه حقه، وإما أن توثقوه برهن أو كفيل مليء حفاظا على حقه من الضياع، لأنه إذا مات من عليه الدين وانتقل ماله إلى الورثة فإن هذا مظنة ضياع الحق، ومظنة المضارة بصاحب الحق فلا بد أن يحتاط له، وقال جمهور العلماء وهو رواية عن الإمام أحمد أن الدين المؤجل يحل بالموت مطلقا، وللدائن أن يمنع التوثيق فيقول أنا أريد حقي ويمنع التوثيق برهن أو كفيل، قالوا: لأن هذا الدين إما أن يتعلق بذمة الميت، وإما أن يتعلق بذمة الورثة، وإما أن يتعلق بعين المال الموروث أي بعين التركة، قالوا: أما تعلقه بذمة الميت فهو ممتنع، لأن ذمته قد خربت بالموت، فالمطالبة متعذرة، ولا يمكن أن يعلق بذمة الورثة لأن الدائن لم يرض بذلك، فتعلقه بذمتهم يحتاج إلى رضى، ويحتاج إلى أن يلتزموا، وهذا لم يثبت فكان ذلك ممتنعا، أما إذا التزموا بذلك ورضي به فهذا شيء آخر، ولكن المقصود أن تقع المسألة من غير هذا، وأما تعلقه بعين المال فهذا ممتنع، لأننا إذا علقناه بعين المال فقلنا مثلا: حقه متعلق بهذه الدار التي ورثها الميت فحينئذ يتضرر الميت ببقاء الدين معلقا به، والميت مرتهن بدينه حتى يقضى عنه، ويتضرر أيضا الدائن بتأخير حقه مع احتمال تلف هذه الأعيان أو التلاعب في هذا المال، فيتحمل الضرر عليه، والورثة لا ينتفعون بذلك لأنهم يمنعون من التصرف بهذه الأعيان لتعلق حق الدائن بها، فلا يتعلق بعين المال، فإذا كان لا يتعلق بذمة الميت ولا بذمة الورثة ولا بعين المال تعين أن يكون حالا غير مؤجل، فالراجح أنه يحل بموت الميت، وهذا هو مذهب جمهور العلماء وهو رواية عن الإمام أحمد.