واعلم أن المفلس الذي يحجر عليه عند الفقهاء كما هو المشهور عندهم هو من دينه أكثر من ماله، وعليه فإذا كان دينه قدر ماله فإنه لا يحجر عليه، وقد تقدم أن في بعض النسخ كما في بعض النسخ من الروض:" ومن له قدرة "، هذا هو المشهور في مذهب الفقهاء، وفي هذا نظر، فإن العلة التي يحجر بها على من كان دينه أكثر من ماله هي تعلق حقوق الغرماء ذوي الديون الحالة، وهذه العلة ثابتة أيضا فيما إذا كان ماله قدر دينه، ولذا قال بعض الحنابلة:" وكذلك إذا كان قدره ولا كسب له وليس له ما ينفق على نفسه سواه "، وهو كما قال لما تقدم، والأحكام تدور مع عللها وجودا وعدما، فحقوق الغرماء متعلقة بماله حيث كان دينه قدر ماله كأن تكون عنده حلي تساوي عشرة آلاف، وعليه دين يساوي عشرة آلاف، وليس له طريق يتكسب به، فنفقته من هذه الحلي أن يبيعها، فإنه يحجر عليه، أما إذا كان له كسب آخر يأكل منه وينفق منه على نفسه، أو كانت له صنعة ينفق على نفسه منها فإنه كما قال الفقهاء، إذن إذا كان لا مال له سوى هذا المال الذي تعلقت به ديون الناس فإنه يحجر عليه، وعلى هذا فالراجح هو ما ذكره بعض الحنابلة من أن المفلس من كان دينه أكثر من ماله، أو قدر ماله ولا كسب له سواه.

* وهل للغريم أن يمنع مدينه من السفر أم لا؟

وبعبارة أخرى: هل لا بد أن يستأذن المدين الدائن عندما يريد السفر؟

المسألة فيها تفصيل:

الحالة الأولى: أن يكون قدومه من سفره قبل حلول الأجل المتفق عليه، فهنا ليس للدائن أن يمنع المدين من السفر، إلا أن يكون السفر سفرا غير آمن كسفر الجهاد ونحوه فله أن يمنعه، إلا أن يقيم ضمينا أو رهنا.

الحالة الثانية: أن يكون قدومه بعد حلول الأجل، فهنا يشترط الاستئذان لتعلق حق الغريم، إلا أن يقيم رهنا أو ضمينا.

قوله [فإن أبى حبس بطلب ربه]

فإذا أبى الوفاء فإنه يحبس بطلب رب المال فإنه حقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015