والأصل في الحوالة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (مطل الغني ظلم وإذا أبتع أحدكم على مليء فليتبع) متفق عليه [خ 2287، م 1564] وفي وراية أحمد: (إذا أحيل أحدكم على مليء فليحتل) [حم 27239] ، وهو عقد إرفاق وذلك لما فيه من إبراء الذمم، فهذا الذي في ذمته الحق تبرأ ذمته بنقل الحق الذي في ذمته إلى شخص آخر، وهي استيفاء وليست ببيع، كما يقرر هذا فقهاء الحنابلة، ويقرره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، ويدل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الحوالة في سياق الوفاء فقال: (مطل الغني ظلم) فهذا فيه ما لا يجوز من فعل الغني من المماطلة، ثم قال: (وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع) ، ويدل عليه أيضا عدم اشتراط رضى المحتال، والبيع من شروطه الرضى، كما قال تعالى {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} فالحوالة استيفاء وليست بيعا.
قوله [لا تصح إلا على دين مستقر]
هذا هو الشرط الأول من شروط الحوالة، أن تكون على دين مستقر، فعليه يجب أن يكون المال المحال عليه مستقرا في ذمة المحال عليه، مثاله: ثمن المبيع وبدل القرض، فهما دينان مستقران في الذمة غير قابلين للسقوط في الأصل فتصح الحوالة فيه، أما إذا كان الدين غير مستقر كدين المكاتب فهو دين غير مستقر لأنه عرضة للسقوط فللمكاتب أن يبطل العقد - أي عقد الكتابة - ويرجع قنا أو يعجز عن أداء الحق الذي عليه فيعود قنا، وهكذا سائر الديون غير المستقرة لا يصح الحوالة عليها، وذلك لأن مقتضى عقد الحوالة أن يلتزم المحال عليه بالدين الذي قد أحيل عليه به، وإذا كان الدين غير مستقر فإنه عرضة للسقوط فكيف تبرأ ذمة الأول وتتعلق به ذمة الثاني والدين غير مستقر فحينئذ يكون قد التزم والدين ليس بلازم.
قوله [ولا يعتبر استقرار المحال به]