فلا تصح الكفالة في الحدود ولا في القصاص، وذلك لأن الحد والقصاص لا يستوفى إلا من الجاني، فلا يمكن أن يستوفى من غيره فلم ثبت فيه الكفالة، فإذا وجب عليه حد زنا أو سرقة أو قتل فلا تثبت في هذه الأمور الكفالة، وإذا وجب عليه قود في النفس أو قصاص في شيء من الأعضاء فكذلك لا تثبت فيه الكفالة لأنه لا يمكن أن يستوفى من الكفيل، وقد روى البيهقي بإسناد ضعيف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا كفالة في حد) [هق 6 / 77] والحديث إسناده ضعيف، ويكفي ما تقدم من العلة الظاهرة في النهي عنه.

* وقد اختلف أهل العلم في الكفالة هل يثبت فيها غرم أم لا؟ بمعنى إن تعذر على الكفيل إحضار مكفوله، فهل يضمن الحق الثابت في ذمة المكفول أم لا؟ قولان لأهل العلم:

1- القول الأول: وهو مذهب الشافعية والأحناف أنه لا يغرم، قالوا: لأنه إنما التزم بإحضار بدنه ولم يلتزم بإعطاء الحق المالي الواجب عليه.

2- القول الثاني: وهو مذهب المالكية والحنابلة أنه يغرم، واستدلوا بما رواه الترمذي وحسنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الزعيم غارم) [ت 1265، د3565، جه 2405] قالوا: والواجب عليه أن يؤدي ما التزمه من إحضار بدنه، والكلام حيث تعذر ذلك، وإنما أقيم مقام الرهن أي الكفيل فكان فيه ما في الرهن من استيفاء الحق، فدل على أنه يضمن ويغرم، وهذا القول هو الراجح للحديث المتقدم، وعليه وعلى القول الراجح الذي تقدم من أنه ليس لرب الحق أن يطالب الضامن إلا بعد تعذر الاستيفاء من المضمون عنه، على هذا القول لا فرق بين الضمان والكفالة إلا أن الكفالة فيها إحضار بدنه وأما هناك فإنه يلزم بأن يأخذ الحق من صاحبه الذي هو عليه، فإن تعذر فإنه يعطى الحق من الضامن ثم يرجع هو على المضمون عنه.

قوله [ويعتبر رضى الكفيل]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015