هذا ظاهر، فمتى برئت ذمة المضمون عنه وهو المدين فإن ذمة الضامن تبرأ أيضا، لأن الحق ثابت في ذمة الضامن تبعا، فإذا ذهبت عن الأصل تبعها تبعتُها (?) ، فحينئذ يسقط ذمة الضامن أيضاً.
وأما العكس فلا، ولذا قال (لا عكسه) .
فإذا ديَّن رجل آخر مالا، وطلب عليه ضمينا، ثم أبرأ صاحب الحق الضمين فلا تبرأ ذمة المضمون عنه، لأن ذمة الضامن كالرهن، فالدين ثابت في ذمة المستدين أو المستقرض ولا يعدو الضامن إلا أن يكون وثيقة للدين،فإذا سقط فإنه يسقط الحق الذي في ذمة المضمون عنه، فإن إبراء التبع لا يعني إبراء الأصل، وهذا أيضا ظاهر لا إشكال فيه.
قال [ولا تعتبر معرفة الضامن للمضمون عنه ولا له]
فلا تعتبر ولا يشترط أن يعرف الضامن المضمون عنه، فلو قال بعض الناس لبعض التجار: " أيَّ أحد تقرضه فأنا أضمنه لك " فهو جاهل بالمضمون عنه، فهذا جائز، وذلك لأن الضمان تبرع بالتزام حق مالي فلا تشترط فيه معرفة المضمون عنه، ولا دليل على اشتراط ذلك.
ولذا فإنه لا يشترط أيضا رضى المضمون عنه، فإن ضمنه من غير رضى المضمون عنه فهذا جائز أيضا، ولا خلاف بين العلماء فيه، وهو كما لو أدى الدين عنه.
فلا يشترط رضى المضمون عنه، كما لو أدَّى الدين عنه، فلو كان لزيد عند عمرو ديناً، فقضاه بكر من غير أن يستأذن زيداً الذي في ذمته الدين، فإن الذمة تبرأ، فمن باب أولى صحة الضمان، إذا كان لو قضى الدين عنه من غير إذنه جاز، فأولى من ذلك جواز الضمان عنه.