فإذا وضع عنده دارا رهنا فخربت هذه الدار فعمرها وأحضر لها خشبا وحديدا ونحو ذلك، فالحكم أنه له ثمن الآلة من خشب وحديد وليس له أن يأخذ أجر المعمرين ولا أجرة الماء ولا الطين ولا نحو ذلك، ودليل ذلك أن هذه النفقة نفقة غير واجبة على الراهن فليس واجبا على الإنسان أن يصلح داره إذا خربت، فإذا أصلحها المرتهن فقد فعل أمرا لا يكون فيه نائبا عن أمر واجب عن آخر، وقال القاضي من الحنابلة: بل على الراهن أن يعطيه عوضه، وله أن يطالب بالحق لأن في ذلك مصلحة الرهن، فهذا الرهن قد تعلق به حق المرتهن، ولا شك أن فساده فساد لهذه الوثيقة، ظاهر كلامه أن ذلك مطلق، سواء كان هذا الإصلاح يترتب عليه حفظ حقه أم لا، وفصل ابن رجب الحنبلي تفصيلا وقال هو متوجه قواه صاحب الإنصاف أنه إذا كان هذا الخراب يمكن أن يستوفي من الرهن قيمة الدين مع وجوده فليس له أن يرجع، مثال ذلك: أعطاه هذه الدار رهنا، فحصل فيها خراب، وكانت رهنا على عشرة آلاف، ولو بيعت وهي خربة فإنها تباع بعشرة آلاف، فإنه حق المرتهن الآن محفوظ من غير أن يصلحها، فإذا أصلحها فليس له الرجوع لأنه تصرف تصرفا لم يؤذن له فيه أولا، وليس واجبا على الآخر أن يصلح هذا الشيء، وأما إذا كان الرهن لا يستوفى ببيعه الدين بعد وقوع الخراب فيه، فإذا أصلحه أمكن أن يبقى ويستوفى منه الدين، أو خشي أن يخرب شيئا فشيئا حتى تذهب قيمته فلا يمكن أن يستوفى منه الدين فإذا أصلحه والحالة هذه فإنه يمكنه أن يرجع، وهذا التفصيل تفصيل قوي كما ذكر صاحب الإنصاف، وقد أفتى شيخ الإسلام فيمن أصلح وقفا أنه يأخذ نفقته من غلته، وعلى هذا يمكن أن تخرج هذه المسألة المتقدمة على كلام شيخ الإسلام.