للمرتهن وهو من بيده الرهن أن يركب ما يركب ويحلب ما يحلب، فله أن يركب الظهر وأن يحلب الدر بالمعروف بما لا ينتهك المركوب ولا يضعف المحلوب بقدر نفقته، ودليل هذا ما ثبت في البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الرهن يركب بنفقته إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب النفقة) [خ 2512] وهذا الحديث فيما يظهر يمكن الاستدلال به على مسألة سابقة وهي عدم شرط استدامة القبض، فإنه قال (وعلى الذي يركب) والغالب أنهما طرفان رهان ومرتهن، فلا يحتاج إلى هذا العموم إذا كان في يد المرتهن فحسب، فدل هذا على جواز أن يكون بيد الراهن وأن هذا لا يخل بصحة الرهن، والمقصود هنا الاستدلال هذا الحديث على أن من ركب أو شرب فإن عليه النفقة، وأن المرتهن يجوز له وإن لم يأذن الراهن يجوز له أن يركب المركوب كالجمل والفرس ونحوهما بنفقته، وهل السيارة مثل ذلك؟ هذا في الحقيقة لا يقع في السيارة لأنها لا تحتاج إلى نفقة إلا مع السير فيها، لكن المثال الأوضح هو الجمل والفرس ونحوهما من الدواب المركوبة، والمقصود أن من أنفق فله الركوب سواء كان راهنا أو مرتهنا بإذن الراهن للمرتهن أو بغير إذن، وهذا قد اتفق عليه العلماء لثبوت الحديث فيه، واتفقوا على أن ما يحتاج إلى مؤنة كالدار ونحوها فإنه ليس للمرتهن أن ينتفع به، وذلك لأن الرهن ملك للراهن، والانتفاع به تبع للملك، ونماؤه تبع للأصل، فليس للمرتهن أن يركب السيارة ولا أن يسكن الدار إلا بإذن الراهن.
واختلف العلماء في العبد ونحوه مما يحتاج إلى نفقة واجبة، هل له حكم المركوب والمشروب أم ليس له هذا الحكم؟